وأما المباكتة فإنما يكون ذلك منهم لمكان النقص فى الكلام، وذلك أن نفس التضليل إنما هو أنطيفاسيس، أى مناقضة الشىء بعينه المفرد الذى ليس باسم، بل هو غير مسمى باسم، بمواطأة مقرون إلى اسم شىء غيره فيتناقض ذلك الشىء بعينه بالأشياء التى يؤتى بها بالاضطرار، ولا يعد معه ما كان فى الابتداء، بل يكون بحال واحدة وإلى شىء واحد، كالذى كان فى زمان واحد. وعلى هذا النحو يكون الكذب على الشىء. فبعض الناس إذا نقضوا شيئا من هذه التى ذكرنا كانوا كالمبطلين، كقولك: إن الشىء بعينه ضعف وغير ضعف، وذلك أن الاثنين ضعف الواحد وليسا هما بضعف الثلاثة، وكقولك إن الشىء نفسه ضعف نفسه وغير ضعف، لا من جهة واحدة: فيكون من جهة الطول ضعفا، وليس ضعفا من جهة العرض، أو يكون ضعفا من جهة واحدة ونحو واحد، لأن ذلك ليس معا، من أجل ذلك يتخيل أنه من الكلام تضليل. وقد يجوز أن نضع هذا النحو مع الأنحاء التى قلنا إنها تكون من نقض الكلام.
صفحة ٧٨١