قد يعرض للشىء الواحد بعينه أعراض كثيرة، فليس من الاضطرار أن توجد جميع هذه لسائر المحمولات — مثال ذلك إن كان قوريسقوس غير الإنسان فإنه يكون غير نفسه لأنه إنسان، أو إن قيل إن سقراط غير مخاطب، وسقراط إنسان، فيلزم الاعتراف بأنه غير الإنسان، لأنه قد عرض أن يكون الذى يقال فيه إنه غيره هو إنسان. فأما اللتى تكون من قبل الحمل على الإطلاق أو من جهة لا على التحقيق فهى أن يكون محمولا على جزء ما، فيؤخذ كالمحمول على الإطلاق — ومثال ذلك: ليكن ما ليس بموجود يوجد مظنونا، فيكون غير الموجود موجودا، وذلك أن ليس معنى أن يوجد الشىء وأن يوجد على الإطلاق معنى واحدا بعينه، أو يلزم أيضا أن يكون الموجود غير موجود إن كان غير موجود شيئا من هذه الموجودات — مثل أن يكون ليس بإنسان. وذلك أنه ليس أن يكون الشىء غير موجود ما وأن يكون غير موجود على الإطلاق شيئا واحدا بعينه؛ وقد يظن ذلك بهما لتقارب لفظيهما وقلة الخلاف بين أن يقال إن الشىء غير موجود وأن يكون موجودا على الإطلاق. وعلى هذا المثال أيضا إذا كان موجودا فى جزء فحمل على الإطلاق، مثل أنه إذا كان جميع الشىء أسود وكان أبيض الأسنان فإنه يكون أبيض وغير أبيض معا، أو يكون هذان الضدان موجودين معا. وما جرى هذا المجرى من النظر فى بعض الجزئيات يسهل على كل أحد، مثال ذلك أنه إذا أخذ أن النوبى أسود وأنه أبيض من قبل أسنانه يسأل عنه: هل هو أبيض؟ فهو إذا من هذه الجهة أبيض. ولهذه العلة يكون كالموهم عند إتمامه القياس بالسائل أنه قد قال بأنه أسود ولا أسود. وكثيرا ما يضل بعض الناس فى جميع الأمور التى إذا قيل فيها إنها موجودة فى شىء ما يظن أنه قد يلزم أن تكون موجودة على الإطلاق؛ فليس يسهل تأمل جمعيها وأنها تسلم على الحقيقة. وذلك أن هذه إنما توجد بهذه الحال فى الأمور المتضادة التى على مثال واحد، لأنه قد يتوهم أنه إما أن يكونا جميعا محمولين على الشىء أو ألا يسلم أن غيرهما محمول عليه — مثال ذلك أنه إن كان شىء أحد نصفيه أبيض والآخر منه أسود، فأى الاثنين هو: أسود أم أبيض؟ فأما المواضع الكائنة من قبل أن القياس لم يحدد ما هو حسن
صفحة ٧٧٦