ولا ما هو التبكيت، فإن الكذب يكون فيها بسبب ما يلحقه من النقص. فأما التبكيت فهو مناقضة شىء واحد بعينه لا فى الاسم، بل فى المعنى والاسم؛ ولا يكون ذلك فى شىء مما أسبق منه، بل فى الاسم نفسه ومن الموضوع بعينه من الاضطرار من غير أن يكون، سيما للذى قيل أولا وفى شىء واحد بعينه وبالإضافة إلى شىء واحد بعينه وعلى جهة واحدة وفى زمان واحد بعينه. والكذب يكون فى الشىء على هذا النحو بعينه. ولإغفال بعض الناس شيئا من هذه المعانى المذكورة قد يظن أنهم بكتوا — مثال ذلك أن الشىء الواحد بعينه قد يكون ضعفا وليس بضعف، وذلك أن الاثنين: أما بالإضافة إلى الواحد فهما ضعف، وأما بالإضافة إلى الثلاثة فليسا بضعف، أو أن يكون الشىء الواحد بعينه لشىء واحد بعينه ضعفا وليس بضعف، إلا أن ذلك ليس من جهة واحدة بعينها، وذلك أنه يكون أما من جهة الطول فضعف، وأما بحسب العرض فليس بضعف، أو إن كان لشىء واحد بعينه وفى معنى واحد بعينه ومن جهة واحدة، إلا أن ذلك ليس فى زمان واحد بعينه، ولذلك يكون التبكيت مظنوا. وللانسان أن يدفع هذا الموضع إلى التى من القول.
فأما المواضع التى تكون عما يؤخذ من مبدأ الأمر فهى على هذا النحو، وذاك بأن يسأل ما أمكن عن التى فى أول الأمر؛ وإنما يظن أنهم قد بكتوا لأنه يتعذر عليهم أن يفرقوا بين الذى هو واحد بعينه والمخالف.
وأما التبكيت الذى من اللوازم فإنما يكون للظن بأن المتلازمة تنعكس، حتى إنه إذا كان هذا موجودا فمن الاضطرار أن يوجد ذاك. وإذا كان ذاك موجودا، يظن أن الآخر يكون موجودا من الاضطرار. ومن هذا الموضع تقع الضلالة فى الاعتقاد دائما من قبل الحس، وذلك أنا كثيرا ما نظن بالمرار أنه عسل للزوم اللون الأحمر للعسل. وقد يعرض للأرض أن تندى إذا مطرت، فإن كانت ندية توهمنا أنها قد مطرت، وهذا ليس واجبا ضرورة. والبراهين الخطبية التى من العلامات مأخوذة من اللوازم؛ وذلك أنهم إذا أرادوا أن يبينوا أن فلانا زان أخذوا الشىء اللازم وهو أنه متزين، أو أنه يطوف بالليل. وقد توجد هذه لكثيرين، والمحمول...
صفحة ٧٨٠