(فصل)
وقد كان بعض الناس فيمن صحبه في عنفوان العمر وغضارة الشباب وأكثر مدة الدرس ممن كان بزعمه في ذلك الأوان يحيي الليالي بالعبادة ويتفلع بطيلسان الزهادة يروي فضائله في الأقطار ويكتبها في الأمصار مما هو كالمعجز الباهر والقمر الزاهر فيكره صلوات الله عليه كثرة الإغراق تواضعا لله وخوفا من كيد أعداء الله، وقد قيل: إن الباطنية دمرهم الله كانو يجدون بزعمهم في أحكام النجوم أن له أمرا وشأنا وأنه ينتقم منهم لدين الله، ولقد عثرت مرة لهذا المفرط والمفرط على غلو وإغراق أوجب وصوله قبل قيامه إلى الإمام معتذرا حتى لقد كان يبكي بالدموع ويقسم الأيمان أنه لو أغرق في فضائله أنه مقصر فيما روى، فقد كان جمع جملا من الفضائل وأتى بها إلى صنعاء سنة ثمان وأربعين وستمائة، أو بعد ذلك فقرأها أمير المؤمنين عليه السلام، ثم أعطاني تلك الجمل معلقه في كراسة بخط من ذكرنا آنفا، ثم قال لي: أما ما كنت أعرفه فانقله، وما كنت لا أعرفه فلا تعلقه، وعلم علي ما كان لم يعرفه والدي، كان يعرفه عليه هو ما نقله الثقات، والعلماء الأثبات، ونحن نذكر من فضائله جملا كما فيه وقدوة لمن يأتي بعدنا وافية، ونعوذ بالله من التخرص والمين فيما نذكره.
(فصل)
ونحن الآن ننقل ما صح لنا من غير طريق ذلك الناقل ولا نزداد بذكره وإن كان ذكره في أول السيرة النبوية حجة عليه فيما يذكر عنه في آخرها إن شاء الله ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
قال السيد الشريف شرف الدين رضي الله عنه وأرضاه: واعلم أرشدك الله أن فضائل الإمام صلوات الله عليه وسلامه تنقسم إلى أقسام أربعه: فقسم فيما نقل عن طريق الملاحم، والحسابات، وما يجري مجراها، وقسم فيما ذكرنا من فضائل في المنامات الصادقة التي رواها الأخيار والثقات، وقسم في النذور والبركات.
أما الكلام في القسم الأول: في التفاؤلات والفراسات[10أ-أ] وما يجري مجراها.
صفحة ٣٠