أما الفراسات فاعلم أن كثير من أهل التجارب ممن اختلفت عليه تصاريف الدهور، وحنكته التجارب في الأمور ممن شاهد أولي الهمم والشرف من صغر إلى كبر إذا رآه تصفح أحواله وعرفه بصفاته وسماته عرف أنه فسيح مجال الفضل، رفيع مناط الهمة وأنه لا بد أن يكون ذا سلطان وشأن حتى لقد كان يدعى باسم الإمامة قبل أن يقوم بسنتين وتنظم فيه الأشعار، ولقد كنا ممن ينظم فيه وينثر وقد أودعنا ذلك في رسالة مفردة غاب عنا ذكرها عند التعليق.
وأما التفاؤلات فهي كثيرة ومن أعجبها ما رأيته يوما وذلك أنه كان في يوم قايض في حمارة القيض وشدة الحر أنا ورجل يقدح من سويق عليه شيء من السكر فصب عليه ماء باردا وأعطى من حضر شيئا منه فتعجبوا من طعمه ولذاذته، وهم في خلوة، فقال بعضهم على وجه المزح: اللهم ائتنا بأحب خلقك إليك يأكل معنا من هذا السويق فما كاد أن ينقطع الكلام حتى أشرف عليهم الإمام بغرته الميمونة في ساعة لم تجر عادة أنه يأتي إلى ذلك إلى ذلك الموضع في ذلك الوقت، فأكل من ذلك السويق وعجب الحاضرون من ذلك الفال، ولقد كانت العلامة التي بين كتفيه إذا نظرها الناظر وهي كلون حبة الأجاص يذكر الشامة التي كانت في جده صلى الله عليه وآله وسلم ويقول في نفسه: ما خص هذا الشخص بهذه العلامة التي لم يخص بها إلا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يسخره الله تعالى ويحيي به دينه.
صفحة ٣١