حجر ومعدي كرب الملقب بالغلفاء لأنه كان يغلف رأسه بالطيب وشرحبيل وسلمة وعبد الله ففرقهم الحارث أبوهم في قبائل العرب فملك ابنه حجرا على بني أسد وغطفان. وملك شرحبيل على بكر بن وائل وبني حنظلة وملك معدي كرب على بني تغلب وطوائف بن دارم وبني رقية. وملك عبد الله على بني عبد القيس. وملك سلمة على قيس. وبقي الحارث مدة في ملكه حتى طلبه أنوشروان وكان ينقم عليه لأمر صدر منه في أيام والده قباذ. فبلغ ذلك الحارث وهو بالأتبار وكان بها منزله. فخرج هاربا في هجائنه وماله وولده فمر بالثوية وتبعه المنذر بالخيل من تغلب وبهراء وإياد. فلحق بأرض كلب فنجا وانتهب ماله وهجائنه وأخذت بنو تغلب ثمانية وأربعين نفسا من بني آكل المرار فقتلوهم بجفر الأملاك في ديار بني مرينا العباديين بين دير هند والكوفة وفيهم يقول امرؤ القيس (من الوافر) :
ألا يا عين بكي لي شنينا ... وبكي لي الملوك الذاهبينا
ملوكا من بني حجر بن عمرو ... يساقون العشية يقتلونا
فلو في يوم معركة أصيبوا ... ولكن في ديار بني مرينا
فلم تغسل جماجمهم بغسل ... ولكن في الدماء مرملينا
تظل الطير عاكفة عليهم وتنتزع الحواجب والعيونا
(قالوا) ومضى الحارث وأقام بأرض كلب وكلب يزعمون أنهم قتلوه. وعلماء كندة يزعمون أنه خرج إلى الصيد فالظ بتيس من الظباء فأعجزه فآلى بالية ألا يأكل أولا إلا من كبده فطلبته الخيل ثلاثا فأتي به بعد الثالثة وقد هلك جوعا. فشوي له الكبد وتناول منه فلذة فأكلها حارة فمات.
أما حجر ابنه فكان على بني أسد وكانت له عليهم أتاوة في كل سنة موقتة فعمر كذلك دهرا ثم بعث إليهم جابيه الذي كان يجيبهم. فمنعوه ذلك وحجر يومئذ بتهامة وضربوا رسله وضرحوهم ضرحا شديدا قبيحا. فبلغ ذلك حجرا فسار إليهم بجند من ربيعة وجند من جند أخيه من قيس وكنانة فأتاهم وأخذ سرواتهم فجعل يقتلهم بالعصا فسموا عبيد العصا. وأباح أموالهم وصيرهم إلى تهامة وحبس أشرافهم ثم رق لهم فاستكانوا له حتى وجدوا منه غفلة
صفحة ٧