الكون والفساد من كتاب الشفاء

ابن سينا ت. 428 هجري
96

الكون والفساد من كتاب الشفاء

تصانيف

لكنا نسلم أن الرطب من شأنه أن يرطب اليابس، واليابس من شأنه أن ييبس الرطب. ونقول بعد ذلك أولا، إلى أن نورد جوابا آخر، إن هذا النحو من الفعل والانفعال لا يصلح أن يلتفت إليه فى التحديدات، وإنما تحد القوى بانفعال وانفعالات على غير هذا النمط، وذلك لأنا إذا أردنا أن نحد الرطب استحال أن نأخذه فى حد نفسه، واستحال أيضا أن نأخذ ضده فى حده؛ وذلك لأن ضده ليس بأعرف منه، فكيف نفسه؟ وإنما يجب أن يؤخذ فى الحدود والرسوم ما هو أعرف من الشىء. وأيضا إذا أخذنا ضده فى حده، وكان ضده أيضا إذا حد على نحو حده، حد به، وأخذ هو فى حده - نكون قد أدرنا التعريف، وعاد الأمر إلى تعريف الشىء بنفسه .مثاله إذا أردنا أن نحد الحرارة، فقلنا هو الذى يسخن البارد، ونكون قد أخذنا التسخين وهو التحرير الذى هو إثارة الحرارة، فى حد الحرارة، فنكون قد أخذنا الحرارة فى حد الحرارة، وأخذنا أيضا البارد فى حد الحرارة. وكذلك الحال فى جانب البارد، والبارد ليس بأعرف من الحر، ولا الحر من البرد.

وإذا كان قانون الحد ما ذكرناه، وكنا نجد الحرارة من حيث فعلها، أو نعرفها من حيث فعلها ذلك الفعل الذى فى ضدها، فقلنا إن الحار ما يسخن البارد، واحتجنا أن نقول: والبارد ما يبرد الحار، فنكون قد أخذنا الحار فى حد البارد المأخوذ فى حد الحار. وهذا أمر مردود.

صفحة ١٧٢