وثانيها: عدم الاطراد اعلم أن من حق الحقيقة؛ الاطراد أي إذا وضع لفظ لشيء من لأشياء فحق ذلك اللفظ أن يطرد في جميع أفراد ذلك الشيء؛ كالإنسان فإنه حقيقة في بني آدم، وهو مطرد في جميع أفرادهم بمعنى أنه يصح إطلاقه على كل فرد من أفراد هذا الجنس ونحو ذلك، وأما المجاز فلا يصح اطراده في كل ما وجدت فيه تلك الصفة التي تجوز باللفظ لأجلها، ألا ترى أن الأسد لما كان موضوعا للسبع الشجاع، وكان إطلاقه على الشجاع من غير هذا الجنس مجازا، لم يطرد بل صح وصف الرجل الشجاع بأنه أسد، ولا يصح وصف كل مشجع من الحيوان، بأنه أسد، ولا غيره من الحيوانات، وكذلك يوصف الرجل الطويل بأنه نخلة، ولا يوصف كل طويل بذلك، وكذلك لا يصح أن يقال: واسأل البساط؛ والمراد أهله هذا حاصل ما في المنهاج، وغيره من كتب الأصول، وذكر بعضهم أن عدم الاطراد في المجاز يكون تارة واجبا، أي لا يصح اطراده أصلا نحو: { واسأل القرية }، فلا يصح أن يقال: واسأل البساط، ويكون تارة جائزا أي يصح اطراده لكن لا يجب ذلك فيه لثبوت التعبير عن أفراد المجاز للفظ بالحقيقي بخلاف الحقيقة فإنها يجب اطرادها عنده لاحتياج المتكلم إليها إذ لا خلف عنها، وجميع ذلك مشكل، أما ما ذكره صاحب المنهاج، وغيره فإشكاله متوجه من قبل اعتبار نوع العلاقة لا شخصها، وصاحب المنهاج وغيره، يرون اعتبار نوع العلاقة، وعدم صحة اطراد المجاز مبني على اعتبار شخص العلاقة لا نوعها، وأما ما ذكره ذلك البعض فإنه مشكل من حيث أن الكلام في جواز الاطراد لا في وجوبه، وأيضا فإن النحاة قد ذكروا ما يدل على صحة نحو: اسأل البساط فقد ذكر ابن مالك في تسهيله أنه يجوز حذف المضاف، وإقامة المضاف إليه مقامه في إعرابه، وقسم ذلك إلى قياسي، وغير قياسي، وذكر أن ضابط ذلك أنه إن امتنع استقلال المضاف إليه بالحكم فهو قياسي نحو: { واسأل القرية }، { وأشربوا في قلوبهم العجل }، إذ القرية لا تسأل، والعجل لا يشرب، وإن لم
صفحة ٢٠٨