شرح نهج البلاغة
محقق
محمد عبد الكريم النمري
الناشر
دار الكتب العلمية
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤١٨ هجري
مكان النشر
بيروت
قال : ثم خرج بسر من صنعاء ، فأتى أهل جيشان - وهم شيعة لعلي عليه السلام - فقاتلهم وقاتلوه ، فهزمهم وقتلهم قتلا ذريعا ، ثم رجع إلى صنعاء ، فقتل بها مائة شيخ من أبناء فارس ، لأن ابني عبيد الله بن العباس كانا مستترين في بيت امرأة من أبنائهم ، تعرف بابنة بزرج .
وقال الكلبي وأبو مخنف : فندب علي عليه السلام أصحابه لبعث سرية في إثر بسر . فتثاقلوا ، وأجابه جارية بن قدامة السعدي ، فبعثه في ألفين ، فشخص إلى البصرة ، ثم أخذ طريق الحجاز حتى قدم اليمن ، وسأل عن بسر فقيل : أخذ في بلاد بني تميم فقال : أخذ في ديار قوم يمنعون أنفسهم . وبلغ بسرا مسير جارية ، فانحدر إلى اليمامة ، وأغذ جارية بن قدامة السير ، ما يلتفت إلى مدينة مر بها ولا أهل حصن ، ولا يعرج على شيء إلا أن يرمل بعض أصحابه من الزاد فيأمر أصحابه بمواساته ، أو يسقط بعير رجل أو تحفى دابته ، فيأمر أصحابه بأن يعقبوه ، حتى انتهوا إلى أرض اليمن ؛ فهربت شيعة عثمان حتى لحقوا بالجبال ، واتبعهم شيعة علي عليه السلام ، وتداعت عليهم من كل جانب ، وأصابوا منهم ، وصمد نحو بسر ، وبسر بين يديه يفر من جهة إلى جهة أخرى ، حتى أخرجه من أعمال علي عليه السلام كلها .
فلما فعل به ذلك ، أقام جارية بحرس نحوا من شهر ، حتى استراح وأراح أصحابه ، ووثب الناس ببسر في طريقه لما انصرف من بين يدي جارية ، لسوء سيرته وفظاظته وظلمه وغشمه وأصاب بنو تميم ثقلا من ثقله في بلاده وصحبه إلى معاوية ليبايعه على الطاعة ابن مجاعة رئيس اليمامة ، فلما وصل بسر إلى معاوية قال : يا أمير المؤمنين ، هذا ابن مجاعة قد أتيتك به فاقتله ، فقال معاوية : تركته لم تقتله ، ثم جئتني به فقلت اقتله ! لا لعمري لا أقتله . ثم بايعه ووصله ، وأعاده إلى قومه .
وقال بسر : أحمد الله يا أمير المؤنين أني سرت في هذا الجيش أقتل عدوك ذاهبا جائيا لم ينكب رجل منهم نكبة ، فقال معاوية : الله قد فعل ذلك لا أنت .
وكان الذي قتل بسر في وجهه ذلك ثلاثين ألفا ، وحرق قوما بالنار ، فقال يزيد بن مفرغ :
تعلق من أسماء ما قد تعلقا . . . ومثل الذي لاقى من الشوق أرقا
سقى هزم الرعاد منبعج الكلى . . . منازلها من مسرقان فسرقا
إلى الشرف الأعلى إلى رامهرمز . . . إلى قريات الشيخ من نهر أربقا
إلى دشت بارين إلى الشط كله . . . إلى مجمع السلان من بطن دورقا
إلى حيث يرفا من دجيل سفينه . . . إلى مجمع النهرين حيث تفرقا
صفحة ١١