198

شرح نهج البلاغة

محقق

محمد عبد الكريم النمري

الناشر

دار الكتب العلمية

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤١٨ هجري

مكان النشر

بيروت

إلى حيث سار المرء بجيشه . . . فقتل بسر ما استطاع وحرقا

وروى أبو الحسن المدائني قال : اجتمع عبيد الله بن العباس وبسر بن أطاة يوما عند معاوية بعد صلح الحسن عليه السلام ، فقال له ابن عباس : أنت أمرت اللعين السيء الفدم أن يقتل ابني ؟ فقال : ما أمرته بذلك ، ولوددت أنه لم يكن قتلهما ، فغضب بسر ونزع سيفه فألقاه وقال لمعاوية : اقبض سيفك ، قلدتنيه وأمرتني أن أخبط به الناس ففعلت ، حتى إذا بلغت ما أردت قلت : لم أهو ولم آمر ! فقال : خذ سيفك إليك ، فلعمري إنك ضعيف مائق حين تلقي السيف بين يدي رجل من بني عبد مناف ، قد قتلت أمس ابنيه . فقال له عبيد الله : أتحسبني يا معاوية قاتلا بسرا بأحد ابني ! هو أحقر وألأم من ذلك ، ولكني والله لا أرى مقنعا ، ولا أدرك ثأرا إلا أن أصيب بهما يزيد وعبد الله .

فتبسم معاوية وقال : وما ذنب معاوية وابني معاوية ! والله ما علمت ولا أمرت ، ولا رضيت ولا هويت . واحتملها منه لشرفه وسؤدده .

قال : ودعا علي عليه السلام على بسر فقال : اللهم إن بسرا باع دينه بالدنيا ، وانتهك محارمك ، وكانت طاعة مخلوق فاجر آثر عنده مما عندك . اللهم فلا تمته حتى تسلبه عقله ، ولا توجب له رحمتك ولا ساعة من نهار . اللهم العن بسرا وعمرا ومعاوية ، وليحل عليهم غضبك ، ولتنزل بهم نقمتك ، وليصبهم بأسك ورجزك الذي لا ترده عن القوم المجرمين .

فلم يلبث بسر بعد ذلك إلا يسيرا حتى وسوس وذهب عقله . فكان يهذي بالسيف ، ويقول : أعطوني سيفا أقتل به ، لا يزال يردد ذلك حتى اتخذ له سيف من خشب ، وكانوا يدنون منه المرفقة ، فلا يزال يضربها حتى يغشى عليه ، فلبث كذلك إلى أن مات .

قلت : كان مسلم بن عقبة ليزيد وما عمل بالمدينة في وقعة الحرة كما كان بسر لمعاوية وما عمل في الحجاز واليمن ، ومن أشبه أباه فما ظلم .

نبني كما كانت أوائلنا . . . تبني ونفعل مثل ما فعلوا

ومن خطبة له في ذم من بايعه بشروط

الأصل إن الله تعالى بعث محمدا صلى الله عليه وآله وسلم نذيرا للعالمين ، وامينا على التنزيل ، وأنتم معشر العرب على شر دين ، وفي شر دار ، منيخون بين حجارة وخشن ، وحيات صم ، تشربون الكدر ، وتأكلون الجشب ، وتسفكون دماءكم ، وتقطعون أرحامكم . الأصنام فيكم منصوبة ، والآثام بكم معصوبة .

صفحة ١٢