شرح نهج البلاغة
محقق
محمد عبد الكريم النمري
الناشر
دار الكتب العلمية
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤١٨ هجري
مكان النشر
بيروت
آليت لا يمنع حافات الدار . . . ولا يموت مصلتا دون الجار
إلا فتى أروع غير غدار
فضارب بسيفه حتى قتل ، ثم قدم الغلامان فقتلا . فخرج نسوة من بني كنانة ، فقالت امرأة منهن : هذه الرجال يقتلها فما بال الولدان ! والله ما كانوا يقتلون في جاهلية ولا إسلام ، والله إن سلطانا لا يشتد إلا بقتل الضرع الضعيف ، والشيخ الكبير ، وقطع الرحمة لسلطان السوء ، فقال بسر : والله لهممت أن أضع فيكن السيف ، قالت : والله إنه لأحب إلي إن فعلت ! قال إبراهيم : وخرج بسر من الطائف ، فأتى نجران ، فقتل عبد الله بن عبد المدان وابنه مالكا ، وكان عبد الله هذا صهرا لعبيد الله بن العباس ، ثم جمعهم وقام فيهم ، وقال : يا أهل نجران ، يا معشر النصارى وإخوان القرود : أما والله إن بلغني عنكم ما أكره لأعودن عليكم بالتي تقطع النسل ، وتهلك الحرث ، وتخرب الديار ! وتهددهم طويلا ، ثم سار حتى بلغ أرحب ، فقتل أبا كرب - وكان يتشيع - ويقال : إنه سيد من كان بالبادية من همدان ، فقدمه فقتله .
وأتى صنعاء وقد خرج عنها عبيد الله بن العباس وسعيد بن نمران ، وقد استخلف عبيد الله عليها عمرو بن أراكة الثقفي ، فمنع بسرا من دخولها وقاتله ، فقتله بسر ، ودخل صنعاء ، فقتل منها قوما ، وأتاه وفد مأرب فقتلهم ، فلم ينج منهم إلا رجل واحد ، ورجع إلى قومه ، فقال لهم : أنعى قتلانا ، شيوخا وشبانا . قال إبراهيم : وهذه الأبيات المشهورة لعبد الله بن أراكة الثقفي ؛ يرثي بها ابنه عمرا :
لعمري لقد أردى ابن أرطأة فارسا . . . بصنعاء كالليث الهزبر أبي الأجر
تعز فإن كان البكا رد هالكا . . . على أحد ، فاجهد بكاك على عمرو
ولا تبك ميتا بعد ميت أجنه . . . علي وعباس وآل أبي بكر
قال : وروى نمير بن وعلة ، عن أبي وداك ، قال : كنت عند علي عليه السلام لما قدم عليه سعيد بن نمران الكوفة ، فعتب عليه وعلى عبيد الله ألا يكونا قاتلا بسرا ، فقال سعيد : قد والله قاتلت ، ولكن ابن عباس خذلني وأبى أن يقاتل ، ولقد خلوت به حين دنا منا بسر ، فقلت : إن ابن عمك لا يرضى مني ومنك بدون الجد في قتالهم ، قال : لا والله ما لنا بهم طاقة ولا يدان ، فقمت في الناس ، فحمدت الله ثم قلت : يا أهل اليمن ، من كان في طاعتنا وعلى بيعة أمير المؤمنين عليه السلام فإلي إلي فأجابني منهم عصابة ، فاستقدمت بهم ، فقاتلت قتالا ضعيفا ، وتفرق الناس عني وانصرفت .
صفحة ١٠