148

شرح نهج البلاغة

محقق

محمد عبد الكريم النمري

الناشر

دار الكتب العلمية

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤١٨ هجري

مكان النشر

بيروت

قال شيخنا أبو عثمان رحمه الله تعالى : وقال أبو عبيدة : وزاد فيها في رواية جعفر بن محمد عليه السلام عن آبائه عليه السلام : ألا إن أبرار عترتي ، وأطايب أرومتي ، أحلم الناس صغارا ، وأعلم الناس كبارا . ألا وإنا أهل بيت من علم الله علمنا ، وبحكم الله حكمنا ، ومن قول صادق سمعنا ، فإن تتبعوا آثارنا تهتدوا ببصائرنا ، وإن لم تفعلوا يهلككم الله بأيدينا . ومعنا راية الحق ؛ ومن تبعها لحق ، ومن تأخر عنها غرق . ألا وبنا يدرك ترة كل مؤمن ، وبنا تخلع ربقة الذل عن أعناقكم وبنا فتح لا بكم ، وبنا يختم لا بكم .

قوله : لا يرعين أي لا يبقين ، أرعيت عليه ، إي أبقيت ؛ يقول : من أبقى على الناس فإنما أبقى على نفسه . والهوادة : الرفق والصلح ، وأصله اللين . والتهويد : المشي ، رويدا ، وفي الحديث : أسرعوا المشي في الجنازة ولا تهودوا كما تهود أهل الكتاب ، وآزرت زيدا : أعنته . الترة : الوتر . والربقة : الحبل يجعل في عنق الشاة . وردي : هلك ، من الردى ، كقولك : عمي من العمى ، وشجي من الشجى .

وقوله : شغل من الجنة والنار أمامه ؛ يريد به أن من كانت هاتان الداران أمامه لفي شغل عن أمور الدنيا إن كان رشيدا .

وقوله : ساع مجتهد إلى قوله : لا سادس ، كلام تقديره : المكلفون على خمسة أقسام : ساع مجتهد ، وطالب راج ، ومقصر هالك . ثم قال : ثلاثة ، أي فهؤلاء ثلاثة أقسام ، وهذا ينظر إلى قوله سبحانه : ' ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات بإذن الله ' ، ثم ذكر القسمين : الرابع والخامس ، فقال : هما ملك طار بجناحيه ، ونبي أخذ الله بيده ؛ يريد عصمة هذين النوعين من القبيح ، ثم قال : لا سادس ، أي لم يبق في المكلفين قسم سادس . وهذا يقتضي أن العصمة ليست إلا للأنبياء والملائكة ، ولو كان الإمام يجب أن يكون معصوما لكان قسما سادسا ، فإذن قد شهد هذا الكلام بصحة ما تقوله المعتزلة في نفي اشتراط العصمة في الإمامة ، اللهم إلا أن يجعل الإمام المعصوم داخلا في القسم الأول ، وهو الساعي المجتهد . وفيه بعد وضعف .

وقوله : هلك من ادعى وردي من اقتحم ، يريد هلك من ادعى وكذب ، لا بد من تقدير ذلك ، لأن الدعوى تعم الصدق والكذب ، وكأنه يقول : هلك من ادعى الإمامة ، وردي من اقتحمها وولجها عن غير استحقاق ؛ لأن كلامه عليه السلام في هذه الخطبة ، كله كنايات عن الإمامة لا عن غيرها .

وقوله : اليمين والشمال ، مثال لأن السالك الطريق المنهج اللاحب ناج ، والعادل عنها يمينا وشمالا معرض للخطر .

صفحة ١٦٨