شرح المقاصد في علم الكلام
الناشر
دار المعارف النعمانية
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
1401هـ - 1981م
مكان النشر
باكستان
تصانيف
الوجه الثالث أنه لو جاز صدور الكثير عن الواحد لما كان تعدد الأثر واختلافه مستلزما لتعدد المؤثر واختلافه فلم يصح الاستدلال منه عليه لكن مثل هذا الاستدلال مركوز في العقول مشهور بين العقلاء كما إذا وجدوا النار تسخن المجاور والماء يبرده حكموا قطعا باختلافهما في الحقيقة ورد بأنا لانم ابتناء ذلك على استلزام تعدد الأثر تعدد المؤثر بل على استلزام وجود المؤثر التام وجود أثره ووجود الملزوم وجود لازمه فحين لم يجدوا من الماء أثر طبيعة النار ولازمها الذي هو سخونة المجاور حكموا بأن طبيعته غير طبيعة النار قال ثم عورضت أي الشبه المذكورة بوجوه
الأول أن الجسمية وهي أمر واحد تقتضي أثرين هما التحيز أي الحصول في حيز ما وقبول الإعراض أي الإتصاف بها فإن نوقش في استنادهما إلى مجرد الجسمية وجعل للحيز والإعراض مدخل في ذلك بنقل الكلام إلى قابلية الجسم للتحيز وقابليته للاتصاف بالإعراض فإنهما يستندان إلى الجسمية لا محالة وإن نوقش في وحدة الجسمية بأن لها وجود أو ماهية وإمكانا وجنسا وفصلا وغير ذلك قلنا هي بجميع ما فيها ولها شيء واحد يستند إليه كل من الأمرين ولا معنى لاستناد الكثير إلى الواحد سوى هذا وأجيب بأنا لا نم إن التحيز وقبول الإعراض أو القابلية لهما من الأمور الوجودية التي تقتضي مؤثرا إما تحقيقا فظاهر وإما إلزاما فلأن الفلاسفة وإن قالوا بوجود النسب والإضافات لم يعمموا ذلك بحيث يتناول قابلية التحيز مثلا ولو سلم فلا نم استناد كل من الأمرين إلى الواحد المحض بل أحدهما باعتبار الصورة والإبعاد والآخر باعتبار المادة
الوجه الثاني إن كل ما يصدر عن العلة فله ماهية ووجود ضرورة كونه أمرا موجودا وكل منهما معلول فيكون الصادر عن كل علة حتى الواحد المحض متعددا وأجيب بأنا لا نم كون الوجود مع الماهية متعددا بحسب الخارج لما سبق من أن زيادته على الماهية إنما هي بحسب الذهن فقط ولو سلم فلا نسلم أن كلا منهما معلول بل المعلول هو الوجود أو اتصاف الماهية به لأن هذا هو الحاصل من الفاعل
الوجه الثالث أن النقطة التي هي مركز الدائرة مبدأ محاذياته للنقط المفروضة على المحيط وأجيب بأن المحاذاة أمر اعتباري لا تحقق له في الخارج فلا يكون معلولا لشيء ولو سلم فمحاذاة النقطتين إضافة قائمة بهما أو لكل منهما إضافة قائمة بها فلا يكون فاعلا للمحاذيات على ما هو المتنازع ولو سلم فاختلاف الحيثية ظاهر لا مدفع له
صفحة ١٦٠