في الوجود المطلق لا في الوجودات الخاصة التي هي العوارض للماهيات ولو سلم فالوجود المطلق يكون عارضا لمطلق الماهية والكسبيات إنما هي الماهيات المخصوصة فعلى تقدير كون الوجود المطلق عارضا لا يلزم كونه تابعا للماهيات المكتسبة لأنا نقول الوجود المطلق عارض للوجودات الخاصة على ما سيجيء فيكون تابعا لها وهي تابعة للماهيات المكتسبة فيكون المطلق تابعا لها بالواسطة وهذا معنى زيادة التبعية وكذا مطلق الماهية عارض للماهيات المخصوصة لكونه صادقا عليها غير مقوم لها فيكون تابعا لها فيكون الوجود المطلق العارض لمطلق الماهية عارضا لها بالواسطة الثاني أن الوجود لو كان بديهيا لم يشتغل العقلاء بتعريفه كما لم يشتغلوا بإقامة البرهان على القضايا البديهية لكنهم عرفوه بوجوه كما مر الثالث أنه لو كان بديهيا لم يختلف العقلاء في بداهته ولم يفتقر المثبتون منهم إلى الاحتجاج عليها لكنهم اختلفوا واحتجوا فلم يكن بديهيا والجواب عن الأول أنا لانم أن العارض يكون تابعا للمعروض في المعقولية بل ربما يعقل العارض دون المعروض وعدم استقلاله إنما هو في التحقق في الأعيان ولو سلم فلا نزاع في بداهة بعض الماهيات فيكفي في تعقل الوجود من غير اكتساب لا يقال العارض تابع للمعروض في التحقق حيث ما كان عارضا فإن كان في الخارج ففي الخارج وإن كان في العقل ففي العقل وسيجئ أن زيادة الوجود على الماهية إنما هي في العقل والمعقول بتبعية الماهية البديهية يكون وجودها الخاص وليس المطلق ذاتيا له حتى يلزم بداهته بل عارضا لأنا نقول ليس معنى العروض في العقل أن لا يتحقق العارض في العقل بدون المعروض وقائما به كما في العروض الخارجي بل أن العقل إذا لاحظهما ولاحظ النسبة بينهما لم يكن المعقول من أحدهما نفس المعقول من الآخر ولا جزأ له بل صادقا عليه والوجود المطلق وإن لم يكن ذاتيا للخاص لكنه لازم له بلا نزاع وليس إلا في العقل إذ لا تمايز في الخارج فتعقل الخاص لا يكون بدون تعقله فيكون بديهيا مثله وعن الثاني أن البديهي لا يعرف تعريفا حديا أو رسميا لإفادة تصوره لكن قد يعرف تعريفا اسميا لإفادة المراد من اللفظ وتصور المعنى من حيث أنه مدلول لفظ وإن كان متصورا في نفسه ومن حيث أنه مدلول لفظ آخر وتعريفات الوجود من هذا القبيل وعن الثالث أن الذي لا يقع فيه اختلاف العقلاء هو الحكم البديهي الواضح وبداهة تصور الوجود لا تستلزم بداهة الحكم بأنه بديهي فيجوز أن يكون هذا الحكم كسبيا أو بديهيا خفيا لا يكون في حكم قولنا الواحد نصف الاثنين فيقع فيه الاختلاف ويحتاج على الأول إلى الدليل وعلى الثاني إلى التنبيه ويكون ما ذكر في معرض الاستدلال تنبيهات وقد يقال الوجود لا يتصور أصلا وهو مكابرة في مقابلة القول بأنه أظهر الأشياء واخترع الإمام لذلك تنسكات منها أنه لو كان متصورا لكان الواجب متصورا إلزاما للقائلين بأن حقيقة الوجود المجرد ومعنى التجرد معلوم قطعا ومبناه
صفحة ٦٠