وإن لم يستلزم إفادة معرفة الحقيقة لكنه قد يفيدها وقد يستدل على امتناع اكتسابه بالرسم بوجهين أحدهما أنه يتوقف على العلم بوجود اللازم وثبوته للمرسوم وهو أخص من مطلق الوجود فيدور وثانيهما أن الرسم إنما يكون بالأعرف ولا أعرف من الوجود بحكم الاستقراء أو لأنه أعم الأشياء بحسب التحقق دون الصدق والأعم أعرف لكون شروطه ومعانداته أقل والجواب منع أكثر المقدمات على أنه لو ثبت كونه أعرف الأشياء لم يحتج إلى باقي المقدمات الوجه الثالث أن الوجود المطلق جزء من وجودي لأن معناه الوجود مع الإضافة والعلم بوجودي بديهي بمعنى أنه لا يتوقف على كسب أصلا فيكون الوجود المطلق بديهيا لأن ما يتوقف عليه البديهي يكون بديهيا والجواب أنه إن أريد أن تصور وجودي بالحقيقة بديهي فممنوع ولو سلم فلان أن المطلق جزء منه أو تصوره جزء من تصوره لما سيجيء من أن الوجود المطلق يقع على الوجودات وقوع لازم خارجي غير مقوم وليس العارض جزأ للمعروض ولا تصوره لتصوره وإن أريد أن التصديق أي العلم بأني موجود ضروري فغير مفيد لأن كونه بديهيا لجميع الأجزاء غير مسلم وكون حكمه بديهيا غير مستلزم لتصور الطرفين بالحقيقة فضلا عن بداهته وظاهر تقرير الإمام بل صريحه أن المراد هو تصديق الإنسان بأنه موجود ثم أورد منع بداهته فأجاب بأنه على تقدير كونه كسبيا لا بد من الانتهاء إلى دليل يعلم وجوده بالضرورة قطعا للتسلسل والعلم بالوجود جزء من ذلك العلم فيكون ضروريا وصرح صاحب المواقف بأنه جزء وجودي وهو متصور بالبديهة ثم أورد جواب الإمام عن المنع المذكور وزاد عليه فقال وأيضا لا دليل عن سالبتين فلا بد من الانتهاء إلى موجبة يحكم فيها بوجود المحمول للموضوع ضرورة ثم دفعهما بأن الذي لا بد من الانتهاء إليه دليل هو ضروري لا وجوده فإنا نستدل بصدق المقدمتين لا بوجودهما في الخارج وبأن الموجبة ما حكم فيها بصدق المحمول على ما صدق عليه الموضوع لا بوجوده له وأنت خبير بأنه لا دخل للدليل وترتيب المقدمتين في الإيصال إلى التصور وإن كان كلامه صريح في أنه يريد بالدليل الموصل إلى التصديق لا الموصل في الجملة وأن مراد الإمام بالدليل الذي لا بد من العلم بوجوده هو الأمر الذي يستدل به كالعالم للصانع لا المقدمات المرتبة وأنه لا معنى لصدق المحمول على الموضوع سوى وجوده له وثبوته له نعم يتجه أن يقال الوجود هنا رابطة وليس الكلام فيه (قال فإن قيل) يريد أن يشير إلى تمسكات المنكرين ببداهة الوجود مع الجواب عنها وهي وجوه الأول أن الوجود إما نفس الماهية أو زائد عليها فإن كان نفس الماهية والماهيات ليست ببديهية كان الوجود غير بديهي وإن كان زائدا عليها كان عارضا لها لأن ذلك معناه فيكون تابعا للمعروضات في المعقولية إذ لا استقلال للعارض بدون المعروض وهو غير بديهية فكذا الوجود العارض بل أولى لا يقال الكلام
صفحة ٥٩