مغاير لهما هو أمر اعتباري عقلي ليس بموجود في الخارج كما سيجيء في تحقيق التضايف هذا كلامه وأنت خبير بأن الأمر الاعتباري الإضافي هو دلالة الدليل على المدلول لا وجه الدلالة الذي هو صفة في الدليل كالإمكان والحدوث في العالم ثم ظاهر عبارته أن المحكوم عليه يكون أمرا اعتباريا هو العلم بوجه الدلالة وفساده بين (قوله ولا يشترط للنظر في معرفة الله تعالى وجودالمعلم) خلافا للملاحدة لنا وجوه الأول أنه قد بينا إفادة النظر الصحيح المقرون بالشرائط العلم على الإطلاق سواء كان في المعارف الإلهية أو غيرها وسواء كان معه معلم أو لا وأما إمكان تحصيل المقدمات الضرورية وترتيبها على الوجه المنتج بمعونة صناعة المنطق فمعلوم بالضرورة الثاني أن نظر المعلم أيضا لكونه نظرا في معرفة الله تعالى يحتاج إلى معرفة معلم آخر ويتسلسل إلا أن نخص الاحتياج إلى المعلم بغير المعلم ونجعل نظر المعلم كافيا لكونه مخصوصا بتأييد إلهي أو تنتهي سلسلة التعليم إلى المعلم المستند علمه إلى النبي عليه السلام المستند إلى الوحي الثالث إن إرشاد المعلم لا يفيدنا إلا بعد العلم بصدقه وصدقه إما أن يعلم بالنظر فيكون النظر كافيا في المعرفة حيث أفاد صدق المعلم المفيد للمعرفة وإما أن يعلم بقول ذلك المعلم فيدور لأن قوله أي إخباره عن كونه صادقا لا يفيد كونه كذلك إلا بعد العلم بأنه صادق البتة وإما بقول معلم آخر وهكذا إلى أن يتسلسل وقد يجاب بأنا لا نجعل المعلم مستقلا بإفادة المعرفة ليلزمنا العلم بكونه صادقا لا يكذب البتة بل نجعل المقيد هو النظر المقرون بإرشاد منه إلى الأدلة ودفع الشبه لكون عقولنا قاصرة عن الاستدلال بذلك مفتقرة إلى إمام يعلمنا الأدلة ودفع الشبه ليحصل لنا بواسطة تعليمه وقوة عقولنا معرفة الحقائق الإلهية التي من جملتها كونه إماما يستحق الإرشاد والتعليم ثم لا يخفى أن ما ذكر من الوجوه بتقدير تمامها إنما يراد الاحتياج إلى المعلم في حصول المعرفة وأما لو أرادوا الاحتياج إليه في حصول النجاة بمعنى أن معرفة الثاني بالنظر لا تفيد النجاة مالم يتصل به تعليم ولم يكن مأخوذا من معلم وامتثالا لأمره على ما قال النبي صلى الله عليه وسلم أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله وفي التنزيل فاعلم أنه لا إله إلا الله وقل هو الله أحد وكثير من المعترفين بالصانع ووحدانيته كانوا كافرين بناء على عدم أخذهم ذلك من النبي عليه السلام وعدم امتثالهم أمره فطريق الرد عليهم أن حاصل ما ذكرتم الاحتياج في النجاة إلى معلم علم صدقه بالمعجزات وذلك هو النبي عليه السلام وكفى به إماما ومرشدا إلى قيام الساعة من غير احتياج في كل عصر إلى معلم يجدد طريق الإرشاد والتعليم وتتوقف النجاة على متابعته والاعتراف بإمامته وأما احتجاج الملاحدة مع الجواب عنه فظاهر من المتن (قال المبحث الرابع لا خلاف بين أهل الإسلام في وجوب النظر في معرفة الله تعالى) أي لأجل حصولها بقدر الطاقة البشرية لأنه أمر مقدور يتوقف عليه
صفحة ٤٤