شرح المقاصد في علم الكلام
الناشر
دار المعارف النعمانية
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
1401هـ - 1981م
مكان النشر
باكستان
تصانيف
الثاني أن الوجوب والإمكان لو كانا عدميين لزم ارتفاع النقيضين لأن نقيضيهما أعني اللاوجوب واللاإمكان أيضا عدميان لصدقهما على الممتنع مع القطع بأن الوجودي لا يصدق على المعدوم وكون النقيضين عدميين هو معنى ارتفاعهما والجواب أن صدق الشيء على المعدوم لا ينافي كونه مفهوما يوجد بعض أفراده كاللاإنسان الصادق على الممتنع وعلى الفرس ونحن لا نعنى بالموجود والوجودي ما يكون جميع أفراده الممكنة موجودة البتة ولو سلم فلا نسلم استحالة كون النقيضين عدميين كيف وهو واقع كالامتناع واللاامتناع والعمى واللاعمى وما ذكر من أنه ارتفاع النقيضين ممنوع بل معنى ارتفاع النقيضين في المفردات أن لا يصدقا على شيء حتى لو لم يصدق الوجوب واللاوجوب على شيء بل كانا مسلوبين عنه كان ذلك ارتفاعا للنقيضين وليس معناه خلو النقيضين عن الوجود والثبوت في نفسهما بأن يكون الامتناع معدوما وكذا اللاامتناع لصدقه على المعدوم الممكن فإن استحالة ذلك ممنوعة نعم ارتفاع النقيضين في القضايا هو أن لا تصدق القضيتان المتناقضتان في أنفسهما ولا يثبت مدلولاهما بأن يكذب قولنا هذا ممكن وهذا ليس بممكن وهذا كسائر النسب من المساواة والعموم والخصوص والمباينة فإنها في المفردات تكون باعتبار صدقها على الشيء وفي القضايا باعتبار صدقها في نفسها وثبوت مدلولاتها مثلا إذا قلنا الإنسان أخص من الحيوان فمعناه أن كل ما صدق عليه الإنسان صدق عليه الحيوان من غير عكس وإذا قلنا الضرورية أخص من الدائمة فمعناه أنه كلما صدقت الضرورية في نفس الأمر صدقت الدائمة من غير عكس بمعنى أن كل موضوع ومحمول يصدق بينهما الإيجاب الضروري يصدق بينهما الإيجاب الدائمي وليس كل موضوع ومحمول يصدق بينهما الإيجاب الدائمي يصدق بينهما الإيجاب الضروري
الثالث لو كان الوجوب والإمكان عدميين لا تحقق لهما إلا بحسب العقل لزم أن لا يكون الواجب واجبا والممكن ممكنا إلا عند فرض العقل واعتباره وصفي الوجود والإمكان لأن ما لا تحقق له إلا باعتبار العقل لا يقع وصفا للشيء إلا باعتباره واللازم باطل للقطع بأن الواجب واجب والممكن ممكن سواء وجد فرض العقل أو لم يوجد والجواب أنا لا نسلم الملازمة لجواز أن يكون المحمول مما لا تحقق له إلا في العقل ويكون صدقه على الموضوع دائما بل ضروريا في نفس الأمر كقولنا اجتماع النقيضين معدوم وممتنع فإن هذا الحكم ضروري صادق في نفس الأمر مع أنه لا تحقق للعدم والامتناع إلا بحسب العقل فكذا ههنا الوجوب والإمكان عدميان والحكم بأن الشيء واجب أو ممكن ضروري بمعنى أنه في نفس الأمر بحيث إذا نسبه العقل إلى الوجود حصل معقول هو الوجوب أو الإمكان
صفحة ١٢٣