والكسائي هو أبو الحسن علي بن حمزة بن عبد الله بن سليمان بن مرار الأسدي الأهوازي الكوفي، أحد القراء السبعة كان إماما في النحو واللغة والقرآن، ولم يكن له في الشعر يد، حتى قيل: ليس من علماء العربية أجهل من الكسائي بالشعر، أخذ عن أ[ي بكر بن عباس وحمزة وغيرهما، وأخذ عنه الفراء وأبو عبيد القاسم بن سلام وغيرهما، وسمى الكسائي لأنه أحرم في كساء، وقيل: لأنه كان يتشح ويتخلل في كساء في زمان قراءته على حمزة.
وكان حمزة يقول: اعرضوا على صاحب الكساء، وقيل: لأنه دخل إلى الكوفة وجاء إلى حمزة المذكور، وهو حمزة الزيات بن حبيب، وعليه كساء، وقيل: لأنه كان يصنعها في ابتداء أمره، واجتمع يوما بمحمد بن الحسن الحنفي الفقيه في مجلس الرشيد، وقال لمحمد: النحو يهدي إلى جميع العلوم، فقال له محمد: ما تقول فيمن سها في سجود السهو، هل يسجد مرة أخرى؟
قال الكسائي: لا.
قال: لماذا؟
قال: لأن النحاة يقولون: المصغر لا يصغر.
وقال له: ما تقول في تعليق الطلاق؟
قال: لا يصح لأن السيل لا يسبق المطر.
والكسائي شأنه في الفقه والحديث أرفع من أن يستدل على المسألتين بما ذكر، ولكن استدل بهما مجاراة لمحمد، والاستدلال على الثانية لا تعلق له بالنحو إلا بتكلف.
وذكر الخطيب في تاريخ بغداد: أن هذه الحكاية جرت بين محمد المذكور والفراء، وهما ابنا خالة، وللكسائي مع سيبويه وأبي محمد الماتريدي مناظرات ومجالس أشهرها قصة العقرب والزنبور، وله منزلة عند هارون الرشيد، وكان يعلم هارون الرشيد الأدب ببغداد، ثم ابنه الأمين، ولم تكن له زوجة ولا سرية، وكتب إلى الرشيد:
ما زلت مذ صار الأمير معي
صفحة ٦٥