قال: ويحتمل أن يكون قصره الحكم على النوع ليفيد أن الكسائي إنما يلحق الحكم بالنوع لا بالشخص، فيفتح ما لم يسمع ضمه، لا ما سمع، قال : وإنما يفتح الكسائي إذا خلا من موجب الكسر ككون الفاء واوا، وكون العين ياء، لأنه لا تأثير لحرف الحلق فيهما في باب المغالبة ولا في غيره أ. ه.
ومذهب الجمهور ضم عين المضارع الدال على الغلبة، ولو كان حرف الحلق لاما أو عينا، وحملوا ما سمع بالفتح للحلقي على الشذوذ، كما سمع الكسر في أفعال من المغالبة.
وأقول: إنما آثروا داعي الكسر في باب المغالبة، فكسروا لأجله ولو يؤثر حرف الحلق فيه فيفتحوا لأجله، لأن داعي الكسر أقوى من حيث إنه يقدم على جالب الفتح، وهو حرف الحلق، فيحكم له إذا اجتمع معه نحو: باع يبيع، اجتمع داعي الكسر وهو كون العين ياء، وداعي الفتح وهو كون اللام حرف حلق، فحكم بحكم داعي الكسر فكسرت العين، ونحو: بغى يبغي اجتمع داعي الكسر وهو كون اللام ياء، وداعي الفتح وهو كون العين حرف حلق، فحكم بحكم داعي الكسر فكسرت العين، إلا إذا سمع الفتح ومن حيث إن جالب الكسر يجر إلى المطلوب الذي هو مخالفة حركة عين المضارع لحركة عين الماضي.
بخلاف جالب الفتح، فإنه يجر إلى غير المطلوب، وهو توافق حركتيهما، وهو هنا أن تكونا فتحة، وهاتان الحيثيتان دالتان على أن جالب الكسر أقوى من جالب الفتح، فحكم له في باب المغالبة، ولم يحكم لجالب الفتح إلا على مذهب الكسائي، فالحكم له أو أجاز الفتح والضم، وذلك الخلاف بين الجمهور والكسائي في مضارع فعل بالفتح، الدال على الغلبة الصحيح، أي الذي ليست فاؤه واوا ولا عينه ولا لامه ياء.
ومثله مضارع فعل بالضم وفعل بالكسر في المغالبة إذا كان صحيحا إن قلنا بمجيئها المغالبة عندهم، وما نقل عن الكسائي من الفتح صحيح منقول، نقل السخاوي عن أهله اللغة عن العرب: شاعرني فشعرته فأنا أشعره، وفاخرني ففخرته فأنا أفخره بالفتح.
صفحة ٦٢