ومثال ما يلزم ضمه لدلالته على غلبة المفاخر، مما ليس فيه داعي الكسر: سابقني فسبقته فأنا أسبقه بفتح باء سبقته وضم باء أسبقه أي غلبته في السبق وجادلني فجادلته فأنا أجدله بضم دال أجدل، أي غلبته في الجدال، وإنما لزم الضم في الدال على غلبة المفاخر مما ليس فيه داعي الكسر للمناسبة، لأن الغلبة فيها استعلاء فأعطى الفعل الدال عليها ما كان أشرف الحركات، وهو الضم ليناسب اللفظ المعنى، ولأن الضم قوي فألزم باب المغالبة ليدل على معناها، وليكون منبهة على معنى طرأ في الفعل، لأن لزومهم إياه مشعر به.
فأصل أسبق وأجدل المضمومين في المثالين أسبق وأجدل بكسر الباء والدال، لأنهما مضارعا سبق وجدل الثلاثيين المفتوحين، ولما طرأ عليهما الدلالة على غلبة المفاخر ضما وكسروا المضارع الدال على المفاخرة إذا كان فاؤه واوا، أو عينه أو لامه ياء لاستثقال الضم فيه، وأيضا لو ضم ما عينه أو لامه ياء لقلبت الياء واوا، فيلتبس يائي العين ويائي اللام بواويهما.
وكذلك ضم الصحيح الدال على المفاخرة مع، أن أصله الكسر لفتح ماضيه، لما في الضم من القوة المناسبة للمفاخرة والغلبة، وهو قابل للضم المطلوب، ولو لم يضموه لاختلط بالمعتل، فالتزموا في الصحيح في باب المغالبة ما جاز في غيره، وحكم المضاعف اللازم المفتوح حكم غيره، فيضم مضارعه في باب المغالبة كالمفتوح المضاعف المتعدي في باب الغلبة وغيرها، لأن موجب الكسر وهو اللزوم قد زال لتعديه بسبب المغالبة.
وإذا كان مضارع فعل المفتوح مضموما قبل الدلالة على الغلبة مثل: نصر ينصر، وجبه يجبه، وصبه يصبه، فالضم الذي فيه بعد الدلالة على الغلبة غير الذي قبلها، ولا يصاغ المضارع للغلبة من فعل ناقص مثل كان الناسخة اتفاقا، ولا يصاغ المضارع للمغالبة من الماض المكسور العين، والمضموم العين لا مضموما عند عدم موجب الكسر، ولا مكسورا عند عدمه هذا مذهب ابن عصفور.
صفحة ٥٥