شرح ديوان المتنبي
محقق
مصطفى السقا/إبراهيم الأبياري/عبد الحفيظ شلبي
الناشر
دار المعرفة
مكان النشر
بيروت
- الْغَرِيب الجيئة مصدر جَاءَ يجِئ مجيئا وجيئة وَكَذَلِكَ الذهوب الْمَعْنى يَقُول نَحن مسبوقين إِلَى هَذِه الدُّنْيَا فَلَو عَاشَ من كَانَ قبلنَا وَلم يموتوا لضاقت بِنَا وبهم الأَرْض حَتَّى لَا نطيق الذّهاب والمجئ وَإِن الْخيرَة فِيمَا قدر الله تَعَالَى من الْمَوْت على الْعباد وَأمر الدُّنْيَا إِنَّمَا يَسْتَقِيم بِمَوْت قوم وحياة قوم
٦ - الْمَعْنى يُرِيد بالآتى الْوَارِث وبالماضى الْمَوْرُوث يُرِيد أَن الْوَارِث الذى يملك الأَرْض كَأَنَّهُ سالب سلب الْمَوْرُوث مَاله والموروث كَأَنَّهُ سليب سلب مَاله وَهُوَ مَأْخُوذ من قَوْلهم فى الموعظة " إِن مَا فى أَيْدِيكُم أسلاب الهالكين وسيتركها الْبَاقُونَ كَمَا تَركهَا الْأَولونَ وَهَذَا من نهج البلاغة "
٧ - الْغَرِيب شعوب من أَسمَاء الْمنية معرفَة لَا يدخلهَا التَّعْرِيف وَسميت شعوبا لِأَنَّهَا تفرق اشتقاقها من الشعبة وهى الْفرْقَة الْمَعْنى يَقُول لَوْلَا الْمَوْت لما كَانَ لهَذِهِ الْمعَانى فضل وَذَلِكَ لَو أَن النَّاس أمنُوا الْمَوْت لما كَانَ للشجاع فضل على الجبان لِأَنَّهُ قد أَيقَن بالخلود وَكَذَلِكَ كل الْأَشْيَاء فلولا الْمَوْت لما كَانَ لهَذَا كُله فضل على غَيره واستوى الشجاع والجبان والكريم والبخيل والصابر والجازع
٨ - الْمَعْنى يُرِيد أَن الْحَيَاة وَإِن طَالَتْ فهى إِلَى انْقِضَاء يَقُول أَو فى عمر أَن يبْقى حَتَّى يشيب ثمَّ يخونه عمره بعد الشيب وقصاراه الْمَوْت وَقَالَ الْخَطِيب يُرِيد أَن الذى يحترم الشَّبَاب لقلَّة الْوَفَاء فَإِذا أبقتهم كَانَ قصاراها أَن تفنيهم فَلَا وَفَاء لَهَا وَلَا رَغْبَة فِيهَا وَقَالَ غَيره إِذا عَاشَ الْمَرْء إِلَى بُلُوغ المشيب وخانته حَيَاته يعْنى فى الْهَرم فقد تناهت فى الْوَفَاء لَهُ وَلَا غَايَة فى الْوَفَاء لَهَا بعد ذَلِك
٩ - الْإِعْرَاب اللَّام تدل على قسم مَحْذُوف وحرف الْجَرّ يتَعَلَّق بصبابة الْغَرِيب يماك اسْم مَمْلُوكه وَهُوَ تركى والنجار الأَصْل وجليب مجلوب من بلد إِلَى بلد الْمَعْنى يُرِيد أَنه قد أبقى فى قلبه ميلًا إِلَى كل من كَانَ من هَذَا الْجِنْس يُرِيد التّرْك والصبابة الرقة
1 / 50