الملقى ". ويروى: " الموالي " ومعنى البيت أنه يتلهف لما نزل بهم في الموضع الذي ذكره حين أعان الأعداء عليهم كون الحرم معهم أو من يجري مجرى الحرم من الضعفاء الذين لا دفاع بهم؛ لما وجب عليهم من الذب عنهم، والاشتغال بالحماية عليهم. ومن روى الموالي - وهم أبناء العم - فإنما خصهم بالذكر لأن الجفاء منهم أشد تأثيرًا في النفس. ألا ترى أن من كان بنو عمه عليه فهو كمن قوتل بسلاحه، ألا ترى إلى قول الآخر حيث يقول:
مخافة جورٍ من أميرٍ مسلطٍ ... ورهطي وما عاداك مثل الأقارب
والعدو إشارة إلى الجنس. والمباسل، من البسالة. وأجراه على لفظ العدو لا على معناه. وفي القرآن: " فإنهم عدوٌ لي إلا رب العالمين ".
فقالوا لنا ثنتان لا بد منهما ... صدور رماحٍ أشرعت أو سلاسل
التاء في " ثنتان " كالتاء في بنتان، إلا أنه لم يستعمل واحده كما استعمل بنت. وكذلك التاء في اثنتان كالتاء في ابنتان إلا أنهم لم يقولوا اثنةٌ كما قالوا ابنة. والشاعر حكى كما دار بينهم عند الالتقاء فيقول: أدارنا أعداؤنا على خصلتين حكمواعلينا بهما، وخيرونا فيهما، وهو الاستسلام الذي آخره الأسر، أو القتل الذي أوله الامتناع والدفع. وقوله " ثنتان " أراد خصلتان اثنتان، ثم فسرهما بقثوله " صدور رماح أشرعت " وخص الصدور لأن المقاتلة بها تقع، ويجوز أن يكون ذكر الصدور وإن كان المراد الكل كما قال:
الواطئين على صدور نعالهم
وإن كان الوطء للصدور والأعجاز. وكنى عن الأسر بالسلاسل. وقوله " لا بد منهما " أراد لا بد منهما على طريق التعاقب لا على طريق الجمع بينهما، وإلا سقط التخيير الذي أفاده " أو " من قوله " أو سلاسل ". ألا ترى أنه إذا قال خذ الدينار أو الثوب، وكل السمك أو اشرب اللبن، فليس فيه الجمع بينهما. وإذا كان الأمر على هذا فالمعنى لا بد من إحداهما. و" أشرعت ": هيئت للطعن. وكذلك شرعت. ويستعمل في السيف أيضًا وكان الأصل فيه مشارع المياه. وفي المثل: " أهون الورد التشريع "، أي إيراد الشريعة.
1 / 37