(بقايا) أي آخر أهل العلم، هم أهل الشريعة من فقهاء الأمة، ممن عرف جملة من علم الأصول والفروع، وتفاصيل من هذين الفنين، واختلاف مذاهب الناس في أديانهم ولغتهم، لاسيما اللغة العربية، فإنها أولى بالمعرفة، لمايتعلق بمعرفتها من الأسماء والمعاني وفصل الخطاب، في الجاهلية والإسلام، وجميع الأحكام والفرائض والسنن، والتقديم والتأخير، والإطناب والإسهاب، والحقائق، والموجز في الخبر، والاستخبار، والأمر، والنهي، والخطب، والبلاغات، والرسائل، والوسائل، والأمثال، والدعاء، والسؤال، والتمني، والجدال، والإرشادات، والحكايات، وغير ذلك من العلوم التي يكون بها صلاح الأجسام، وماعلمه يقتضي الزيادة في خدمة ذي الجلال والإكرام.
(يحيون العلم ويحيون به)، أما إحياؤهم للعلم فهو تعليمهم العلم غيرهم، وإحياء كتبه التي تغيرها الأوقات، وأما حياتهم به فهو حياتهم من الجهل، وعلمهم بماعلموه في كل معنى وفضل، فهم به أحياء وإن كانوا أمواتا عظاما ورفاتا.
قال أمير المؤمنين صلوات الله عليه: « العلماء باقون ما بقي الدهر، أعيانهم مفقوده، وأمثالهم في القلوب موجودة ».
(قد وجهوا لله رغبتهم).
من المقدم والمؤخر، أي أنهم قصدوا الله تعالى بأعمالهم، رغبة بالثواب العظيم، الذي عملوه جزاء من ربهم.
(وامتحنهم الله بأهل دهرهم).
اختبر الله صبرهم على أذى أهل دهرهم ممن طغى وتجبر وعتا وكفر.
صفحة ٨٣