(فتسديدك اللهم وعونك) سأل الله تعالى أن يسدده للقيام بالعدل والتوحيد، وأن يعينه على النهوض بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ولهذا الكلام في الأصول معان، منها: أن العبد لايكون معانا بأن يمكن من الفعل فقط بالقدرة وغيرها، فإن ذلك لو صح لوجب أن يوصف بأنه تعالى معين للبهائم والمجانين؛ كما يوصف أنه تعالى معين للمكلف، ولوجب أن يوصف بأنه تعالى أعانه على الكفر إذا أقدره عليه؛ كما يوصف بذلك إذا أقدره على الإيمان على بعض الوجوه، فعلم بذلك صحة ما قدمنا في هذا، ولذلك توجب أن تكون معونة لأمر زائد على كونه تمكينا، وهو أن يقصد تعالى بفعله أن يختار الممكن الطاعة، فمتى فعله على هذا الوجه وصف التمكين بأنه معونة، ولولا ذلك لم يوصف بهذا الوجه، لأنه لم يرد بتمكينه وإزاحة علله منه الكفر والمعاصي.
وعلى هذا تستعمل المعونة في الشاهد، لأنه من أعطى غيره سيفا وقصد أن يجاهد في سبيل الله فقد أعانه على الجهاد، وإن كان يصلح أن يقتل به نفسه والمسلمين فلايوصف بأنه أعانه على ذلك لهذه العلة، والتسديد كذلك.
(فإنا لم نؤت في تفرقنا من قبلك، ولا في اختلافنا من قدرك)
قد تقدم الكلام في القدرية شهود إبليس وخصماء الرحمن، فلا وجه لإعادته هاهنا.
(كذب المدعون ذلك فيك).
وقد كذبهم الله تعالى حيث قال: ?ويوم القيامة ترى الذين كذبوا على الله وجوههم مسودة? [الزمر: 60].
(وهلك المفترون ذلك عليك).
صفحة ٧١