قال أخبرنا الزبير بن عبد الواحد الحافظ، قال: حدثنا إبراهيم بن عبد الواحد البلدي، قال: سمعت جعفر بن محمد الطيالسي يقول: صلى أحمد بن حنبل ويحيى بن معين في مسجد الرصافة، فقام بين أيديهما قاص فقال: حدثنا أحمد بن حنبل ويحيى بن معين، قالا: حدثنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن قتادة، عن أنس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: « من قال لا إله إلا الله خلق الله من كل كلمة منها طيرا منقاره من ذهب، وريشه من مرجان.. »، وأخذ في قصة نحوا من عشرين ورقة، فجعل أحمد بن حنبل ينظر إلى يحيى بن معين ويحيى ينظر إلى أحمد، فقال: أنت حدثته بهذا، فقال: والله ماسمعت به إلا هذه الساعة، قال: فسكتا جميعا حتى فرغ من قصصه، وأخذ قطاعه، ويجعل ينظر بقيتها، فأومى إليه يحيى أن تعال، فجاء متوهما لنوال يحوزه، فقال له يحيى: من حدثك بهذا الحديث؟ فقال: أحمد بن حنبل ويحيى بن معين. فقال: أنا يحيى بن معين وهذا أحمد بن حنبل وماسمعنا بهذا قط في حديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فقال له: أنت يحيى بن معين؟ قال: نعم. قال: مازلت أسمع أن يحيى بن معين أحمق حتى هذه الساعة. قال له يحيى: وكيف علمت أني أحمق؟ قال: كأنه ليس في الدنيا يحيى بن معين وأحمد بن حنبل غيركما، كتبته عن سبعة عشر رجلا أسماؤهم أحمد بن حنبل غير هذا، فوضع أحمد بن حنبل كمه على وجهه وقال: دعه يقوم، فقام كالمستهزيء بهما. ومثل هذا كثير ممن يتسما بالحديث.
صفحة ٦٢