وأما المرسل بغير حجة فهو ما قد ذكره أصحاب الحديث في كتبهم، وانتخبوا من الأحاديث، فيما قد كتبوه في كتابين وسموها الصحيحين صحيح البخاري واسمه محمد بن إسماعيل الجعفي البخاري، والثاني صحيح أبي الحسين مسلم بن الحجاج القشيري، ورفضا باقي الأخبار غير ما في كتابيهما وسمياهما الصحيحين، وجعلاهما على الأبواب لا على التراجم.
والفرق عندهم بين الأبواب والتراجم أن التراجم شرطها أن يقول المصنف: ذكر ما روي عن فلان من الصحابة عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ويترجم على هذا المسند فيقول: ذكر ما روى قيس بن أبي حازم عن فلان يعني أبا بكر، فحينئذ يلزمه أن يخرج كلما روي عن قيس عن أبي بكر صحيحا كان أو سقيما.
فأما تصنيف الأبواب عندهم، فإنه يقول: ذكر ما صح وثبت عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في أبواب الطهارة، والصلاة، أوغير ذلك من العبادات، فعلى شرطهم لايبلغ عدد الأحاديث على ذلك عشرة آلاف حديث، فكيف يقال: لايبلغ حديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عشرة آلاف حديث، وقد رووا بالاتفاق أنه روي عنه الحديث من أصحابه أربعة آلاف رجل وامرأة صحبوه نيفا وعشرين سنة بمكة قبل الهجرة، وبالمدينة بعد الهجرة، حفظوا عنه أقواله، وأفعاله، واجتهاده، وعبادته، وسيرته، ومغازيه، ومراحله، وخطبه، وملاعبته أهله، وتأديبه فرسه، وكتبه إلى المسلمين والمشركين، وعهوده، ومواثيقه صلى الله عليه وآله وسلم، وألحاظه، وألفاظه، وصفاته.
صفحة ٥٩