وقد أتى النبي صلى الله عليه وآله وسلم بنقيض العادة، ولايكون الناقض للعادة إلا إلهيا سماويا. والموهم للعادة لابد فيه من ثلاثة أشياء: من تعلم علم النجوم والتاريخات، والشعبذة وما جرى مجرى ذلك.
والثاني: إعداد الآلات لهذا الشأن، لأن أهل هذه الصناعة لايتأتى منهم إظهار أعجوبة إلا بآلة.
والثالث: المواطأة بينه وبين غيره.
وهذه الأشياء لايجوز أن يتعاطاها رجل في عشرين سنة ثم لايظهر شيء للناس، ولايوقف منه على جانب، فثبت أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لم يكن متعاطيا لهذا الجنس من هذه العلوم، ولامعدا لشيء من هذه الآلات، ولا مواطيا لغيره، وثبت أنما ظهر عليه لم يكن من جنس التمويه والشعبذة، وثبت أيضا بما قد مضى أنه لابد من إظهار ما يكون حجة أو شبهة، فإذا بطل كون ما أظهر شبهة، لم يبق إلا أنه أظهر حجة ناقضة للعادة، وأنه عليه السلام كان صادقا فيما ادعاه.
(فمن أدرك أزمنتهم، وشاهدهم في عصورهم، وقامت عليه حجتهم؛ لزمه الإقرار بهم، والتسليم لأمرهم، والقبول لماجاؤا به، والديانة لمادعوا إليه ، وسقط عنه كثير من الكلفة في تمييز الأخبار ، وامتحان الناقلين).
صفحة ٥٠