============================================================
رجال شرح الأنفاس الروحانية وساح فجاع في البادية أياما فهتف به هاتف أيهما أحب إليك سبب أو كفاية؟ قال: كفاية ليس فوقها نهاية، فقعد بعده بضعة عشر يوما لا يأكل وقال: الجمع بالحق تفرقة عن غيره، والتفرقة عن غيره جمع به.
وقال: من وصل وده أنس بقربه ومن توصل بالوداد فقد اصطفاه الله من بين العباد.
قال: من عقل أن الأشياء كلها بالله فرجوعه في كل حالاته إليه.
وقال: الفقير الصادق من لا يتهم الله في الأسباب؛ ويسكن إليه في كل حال.
ودخل عليه الشبلي وهو معتكف فوجده ساكنا لا يتحرك فقال له: من أين أخذت هذه المراقبة والسكون؟ قال من سنور لي إذا أراد الصيد لا يتحرك منه شعرة. وقال: لا تصل إلى أوائل أول مبدأ حواشي علم بده المعرفة حتى تخوض إلى الله سبعة بحار أشد من النيران بحرا بعد بحر فعسى بعد ذلك يقع لك أوائل بدأ المعرفة.
وقال: نعت الفقير السكون عند العدم، والبذل والايثار عند الوجدان.
وقال: أباح الله العلم لجميع العامة وخص بالمعرفة أولياء، وبالمكاشفة أصفياءه، وبالمشاهدة أحباءه، واحتجب بربويته عن جميع بريته، فإذا ظنوا أنهم عرفوا تحيروا، وإذا توهموا آنهم كوشفوا احتجبوا، فسبحان من آمره عجيب.
وسمع رجلا يؤذن فقال: طعنة وسم الموت.
وسمع كلبا ينبح، فقال له: لبيك وسعيدك فأنكر عليه، فقال المؤذن: ذكره على رأس غفلة، والكلب يسبحه حقيقة {وإن من شييء إلا يسبخ بحمده} [الإسراء:44 ]، وكان يكره ظهور الكرامة عليه، وأتى ليلة دجلة ليعدي فالتصق له الشط بالشط فوقف، وقال: وعزتك وجلالك لا أعبر على دجلة في هذه الليلة إلا على زورق بقيراط: ونزل في الماء ليغتسل فجاء لص فأخذ ثيابه ومضى فرجع بعد ساعة بالثياب وقد جفت يداه فقال: إهي كما رددت على ثيابى فاردد عليه يديه فعوفى.
وقال أحدهم: احتبس على أهلى الولد فجئته بجام أتبرك بخطه فكتب بسم الله الرحمن الرحيم فاتفلق الجام وسقط مغمى عليه فأتيته بآخر فكان كذلك، ثم ثالث ورايع وخامس وهكذا والحال الحال فقال: يا هذا اذهب إلى غيري فلو جئت بما أمكن أن تجى به لم يمكن إلا ما رآيت فاني عبد إذا ذكرت مولاي ذكرته بهيبة وحضور.
صفحة ٤٧