============================================================
رجال شرح الأنفاس الروحانية واعتل النوري فبعث إليه الجنيد يصرة دراهم فردها ثم اعتل الجنيد فعاده النوري وقعد عنده ووضع يده على جبهته فعوفى فورا، فقال له: إذا عدت إخوانك فارقهم بمثل هذا البر.
ولما سعى غلام الخليل بالصوفية إلى الخليفة وأمر بضرب أعناقهم فأحضروا وأحضر السياف فبارد إليه النوري، فقال السياف: تدرى لم تبادر؟ قال: نعم لضرب العنق أوثر أصحابي بحياة لحظة فتحير السياف ورمى السيف وأخبر الخليفة فرد أمرهم لقاضى قضياة بغداد فسألهم عن مسائل، فالتفت النوري يمينا وشمالا ثم أطرق ثم أجاب فأعجبه، ثم قال: ان لله عبادا يقومون بالله، ويروحون بالله، وينطقون بالله، ويحيون بالله، ويموتون بالله، ويرجعون في كل أمورهم إليه، ويتوكلون عليه، ويثقون بجميل نظره إليهم فبكى القاضي، وقال للخليفة: إن كان هؤلاء زنادقة فما على وجه الأرض مسلم، فأطلقهم وسأله القاضي عن التفاته، فقال: سألت صاحب اليمين فقال: لا أعلم، وصاحب الشمال، فقال كذلك، فسألت قلبي فأخبرني عن ربي فأجبت.
وكان شديذا في تغيير المنكر ولو كان فيه تلفه، نزل الدجلة يوما يتوضأ فرأى زورقا فيه ثلاثون دنا خمرا فسأل عنها فقيل: للخليفة المعتضد، وكان قليل الرحمة جدا فأخذ مدراة فكسرها إلا واحذا، فقبض عليه وأحضر إلى المعتضد وكان يسبق سيفه كلامه فلما رآه قال: من أنت؟ قال: محتسب، وقال: من ولاك الحسبة؟، قال: الذي ولاك الإمامة، قأطرق ثم قال: ما الذي حملك على ذلك؟ قال: الشفقة عليك قال: كيف تركت دنا واحذا، قال أعجبتتي نفسي عند وصولى إليه فتركته، فخلى سبيله.
ومن فوائده: التصوف ترك كل حظ للنفس: وقال: أعز الأشياء في زماننا عالم يعمل بعلمه وعارف ينطق عن حقيقة.
وقال: كانت المرقعات غطاء على الدر فصارت مزابل على الجيف.
وسئل عن الرضا، فقال: عن وجدي تسألون؟ أو عن وحد الخلائق؟ قالوا: عن وجدك قال: لو كنت في الدرك الأسفل من النار كنت ارضى ممن هو في الفردوس الأعلى.
وقال: لا يصح لعبد مقام المشاهدة وفيه نظر لغير الله، ومتى طلع الصباح استغني عن المصباح
صفحة ٤٦