واشتد الأمر على الملك، فتفرق الناس، وأمره كل ساعة كان يشتد، حتى أقبل الليل.
وجاء أحد العلماء إلى وزيره وقال: إن بيني وبينك سرا، وهو: إن كان الملك يصدق لي في كلامه وما نواه: عالجته، فاستبشر الوزير بذلك، وأخذ بيده وحمله إلى الملك، وقال للملك: إن رجلا من العلماء ذكر: إن صدق الملك له ما نواه في قلبه ولم يكتمه شيئا منه عالجته، فاستبشر الملك بذلك، وأذن له بالدخول عليه، فدخل فقال: بيني وبينك سرا أريد الخلوة، فخلا به، فقال له: هل نويت في هذا البيت أمرا؟
قال: نعم، قد نويت أن أخرب هذا البيت، وأقتل رجاله.
فقال: إن وجعك وبلاءك من هذا، اعلم أن صاحب هذا البيت قوي يعلم الأسرار، فأخرج من قبلك جميع ما هممت به من أذى هذا البيت، ولك خير الدنيا والآخرة.
قال الملك: أفعل، قد أخرجت جميع المكروهات من قلبي، ونويت جميع الخيرات والمعروفات.
قال: فلم يخرج العالم من عنده حتى برأ من العلة، وعافاه الله جل جلاله بقدرته، فآمن بالله من ساعته، وخرج من منزله صحيحا على دين إبراهيم عليه السلام، وخلع على الكعبة سبعة أثواب، وهو أول من كسا البيت، ودعا أهل مملكته، وأمرهم بحفظ الكعبة، وخرج هو إلى يثرب، ويثرب بقعة فيها عين من ماء، ليس فيها بناء ولا نبت ولا أحد، فنزل على رأس العين مع عسكره، فجمع العلماء والحكماء الذين كانوا معه من الذين اختارهم من بلدان مختلفة ورئيس العلماء العالم الناصح الشفيق لدين الله الذي أعلم الملك بشأن الكعبة، وأخرج الملك من بلائه بحسن نيته في شأن الكعبة.
صفحة ٩٨