ولو قال كما قال به الأئمة في تأويل الحديث هذا بعد الاعتراف بصحته بأن المراد به من لا يستحق ذلك عند الغضب والسهو من النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وقد بين ذلك من الحديث والآيات التي ذكر أن الله تعالى قد لعن الكفار، والمراد بها الابعاد ولا زكاة ورحمة بالضرورة، وخص - صلى الله عليه وسلم - من صدر إليه اللعن عند الغضب والسهو.
قال: وإن كثيرا من الأحاديث مخالف للكتاب ومضاد له.
أقول: إن هذا قول غير صحيح، فإن ما صح من الأحاديث له شواهد من الكتاب ظاهره لمن فهم الصحيح لا يخالف الكتاب في الأغلب، فالقائل بالعرض إن من أنصف وجد من شاهد ظاهر لأكثر الأخبار، أما الأخبار الصحيحة فالغالب بل الكل لها شواهد، وقد أشار البخاري في صحيحه، صدر كثير من الأبواب إليها، وكما ذكرناه قريبا والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم.
وقوله: في جوابه على السيد الإمام محمد بن إبراهيم حيث قال: لو لم يحتج بما في كتب السنة لأدى إلى تعطيل علم الحديث، فقال صاحب الرسالة: ولعمري ما عليه من بأس إن كان علم الحديث معطلا باجتناب الكذب على الله ورسوله، وليت شعري أي فائدة وفضيلة في ذكر الكذب وهذا كلام صاحب الرسالة.
أقول: كيف أطلق الكذب على جميع كتب أهل الحديث مما أجمع أهل الإسلام على الاحتجاج بها إلا الخوارج والروافض؟! لأن الزيدية لا يرتضون مثل هذا .
إن قيل: إنه لم يأت في شرح "التجريد" من طرق أهل البيت متصل الإسناد إلا النزر اليسير. قيل له: المراد ما جاء الإسناد عن أحدهم وإن توسط فيه من غيرهم وكان إلى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه مما جاء في جميع كتابه لا سيما والعنعنة تحتمل ذلك كما عرف في كتب الحديث.
صفحة ١٢