186

فقال سانين: «أهو!» بوقار مضحك وفتح فمه على آخره ومضى تاناروف في كلامه معبسا قليلا: «نعم يا سيدي. إنه يرى أن سلوكك نحوه لم يكن ... أحسن ... أ ...»

فقاطعه سانين وقد بدأ صبره ينفد: «نعم نعم، فهمت. لقد كدت أطرده من البيت لكزا برجلي فقولك لم يكن «أحسن» أقل العبارات صلاحا للعبارة عما حدث.»

فلم يلتفت تاناروف إلى هذا الكلام وقال: «حسن يا سيدي. إنه يصر على أن تسحب ألفاظك.»

وأيده فون دايتز بنعم نعم وكان ينقل رجليه كالجواد فابتسم سانين وقال: «أسحب ألفاظي؟ كيف أستطيع أن أفعل ذلك؟ إن الكلمة كالطائر خرج من قفصه!»

فحار تاناروف وارتبك وحدق في وجه سانين بدل أن يرد عليه وقال سانين لنفسه «وا سوأتا لعينيه!» ثم استأنف تاناروف الكلام وهو مغضب: «إن هذه ليست بالمسألة التي يجوز فيها المزاح فهل أنت مستعد لسحب كلامك أم غير مستعد؟»

فصمت سانين برهة وجيزة وقال لنفسه: «ما أغباه» وهو يتناول كرسيا ثم جلس وقال بلهجة الجد: «ربما كنت مستعدا أن أسحب كلامي لأرضي سارودين وأسكن نفسه لا سيما وأنا لا أعلق أضأل أهمية بما قلت له. ولكن سارودين أولا لغبائه أبى أن يفهم الباعث لي على كلامي، ثم هو يأبى الآن إلا أن يلغط بالأمر بدل أن يضبط لسانه، ثم إني ثانيا أمقت سارودين كل المقت ولست أرى في هذه الظروف أي مبرر لسحب كلامي.»

فقال تاناروف بصوت أشبه بالصفير: «حسن جدا. وإذن ...»

وحملق فوق دايتز مذهولا واصفر وجهه الطويل.

وعاد تاناروف فقال بصوت عال أراد به الوعيد: «في هذه الحالة.»

فزاد كره سانين لهذا المخلوق وهو ينظر إلى جبهته الضيقة وثيابه المشدودة وقاطعه قائلا: «نعم نعم. إني أعرف كل ذلك. ودعاني أقل لكما شيئا واحدا وهو أني أنوي أن لا أبارز سارودين.»

صفحة غير معروفة