187

فاستدار فون دايتز بحدة ومط تاناروف جسمه وسأله بلهجة المحتقر: «ولماذا من فضلك؟»

فانفجر سانين ضحكا وزال كرهه له بأسرع مما جاء وقال: «حسن أذكر لك السبب. إني أولا لا أريد أن أقتل سارودين، وأنا - ثانيا - أقل رغبة في أن يقتلني أحد.»

فقال تاناروف باحتقار: «ولكن ...»

فقاطعه سانين ووقف: «لن أبارزه والسلام. لماذا؟ إني لا أميل إلى تعليل شيء أو تفسيره لكما، وإن ما تطلبان لأكثر مما لكما الحق فيه.»

وكان احتقار تاناروف لهذا الرجل الذي يأبى أن يبارز ممتزجا باعتقاده أن الضابط وحده هو الذي رزق الشجاعة والإحساس بالشرف اللازمين لهذا العمل. ومن أجل ذلك لم يدهشه أن يرفض سانين بل لعل الرفض سره. فقال بلهجة زارية: «هذا شأنك ولكني لا أرى بدا من تحذيرك ...»

فضحك سانين وقال: «نعم نعم، ولكني أنصح لسارودين أن لا ...»

فقاطعه تاناروف وهو يتناول قبعته سائلا: «أن لا يفعل ماذا؟»

فقال سانين: «أنصح له أن لا يلمسني وإلا جلدته حتى ...»

فصاح فون دايتز هائجا: «اسمع إني لا أستطيع أن أحتمل هذا ... إنك ... إنك إما تضحك منا. ألا تعلم أنك برفضك أن تبارز ...»

وكان وجهه أحمر وعيناه جاحظتين، والزبد على فمه، فنظر سانين إلى فمه مستغربا وقال: «وهذا هو الرجل الذي يعد نفسه من تلاميذ تولستوي!»

صفحة غير معروفة