وقد ذكر الإمام أبو بكر الفهري المعروف بالطرطوشي رحمه الله تعالى تقبيح اجتماعهم وفعلهم صلاة الرغائب في جماعة وأعظم النكير على فاعل ذلك وقال في كتابه: إنها بدعة قريبة العهد حدثت في زمانه، وأول ما حدثت في المسجد الأقصى أحدثها فلان سماه. فالتسمية هناك، هذا قوله فيها. وهي على دون ما يفعلون اليوم مما تقدم ذكره.
فإن قال قائل قد ورد الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم في الندب إلى هذه الصلاة، ذكره أبو حامد الغزالي في الإحياء.
فالجواب أن الكلام إنما وقع على فعلها في المساجد وإظهارها في الجماعات وما اشتملت عليه مما لا ينبغي كما تقدم، وأما الرجل يفعلها في خاصة نفسه فيصليها سرا كسائر النوافل فله ذلك ويكره له أن يتخذها سنة دائمة لا بد من فعلها لأن هذه الأحاديث الواردة في فضائل الأعمال بالسند الضعيف.
قد قال العلماء فيها: أنه يجوز العمل بها ولكنها لا تفعل على الدوام فإنه إذا عمل بها ولو مرة واحدة في عمره فإن يكن الحديث صحيحا فقد امتثل الأمر به، وإن يكن الحديث في سنده مطعن يقدح فيه فلا يضره ما فعل لأنه إنما فعل خيرا ولم يجعله شعيرة ظاهرة من شعائر الدين كقيام رمضان وغيره.
هذا الكلام على صفة الجمع في العمل بالحديث الصحيح والحديث الذي أشكل علينا صحته.
وأما مذهب مالك فإن صلاة الرغائب مكروه فعلها وذلك جار على قاعدة مذهبه، لأن تكرير قراءة السورة الواحدة في ركعة واحدة يمنعها، لأنه لم يكن من فعل من مضى، والخير كله في الاتباع لهم رضي الله عنهم.
صفحة ٥٣