بسم الله الرحمن الرحيم
حسبي الله
قال الشيخ الفقيه الإمام العالم العامل الزاهد العابد الورع الناسك، مفتى الفرق، ناصر السنة، (ذو) (¬1) الاجتهاد في الدين، عز الدين أبو محمد عبد العزيز بن عبد السلام السلمي الشافعي رحمه الله تعالى ورضي عنه وحشرنا في زمرته:
الحمد لله الأول الذي لا يحيط به وصف واصف، الآخر الذي لا تحويه معرفة عارف، جل ربنا عن التشبيه بخلقه، وكل خلقه عن القيام بحقه (2)، أحمده على نعمه وإحسانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له في سلطانه، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله المبعوث بحججه وبرهانه، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وإخوانه.
أما بعد: فإن البدع ثلاثة أضرب (¬3).
إحداها: ما كان مباحا كالتوسع في المآكل، والمشارب، والملابس، والمناكح، فلا بأس بشيء من ذلك.
صفحة ٣
الضرب الثاني: ما كان حسنا، وهو كل مبتدع موافق لقواعد الشريعة غير مخالف لشيء منها، كصلاة التراويح (¬1)، وبناء الربط والخانات والمدارس وغير ذلك من أنواع البر التي لم تعهد في العصر الأول، فإنه موافق لما جاءت به الشريعة من اصطناع المعروف والمعاونة على البر والتقوى، وكذلك الاشتغال بالعربية فإنه مبتدع ولكن لا يتأتى تدبر القرآن إلا به، وفهم معانيه إلا بمعرفة ذلك، فكان ابتداعه موافقا لما أمرنا به من تدبر آيات القرآن وفهم معانيه، وكذلك تدوين الأحاديث وتقسيمها إلى الحسن، والصحيح، والموضوع، والضعيف، مبتدع حسن لما فيه من حفظ كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يدخله ما ليس منه، وأن يخرج منه ما هو منه. وكذلك تأسيس قواعد الفقه وأصوله، كل ذلك مبتدع حسن موافق لأصول الشرع غير مخالف لشيء منها.
صفحة ٤
الضرب الثالث: ما كان مخالفا للشرع أو ملتزما لمخالفة الشرع، فمن ذلك صلاة الرغائب فإنها موضوعة على رسول الله صلى الله عليه وسلم وكذب عليه، ذكر ذلك أبو الفرج بن الجوزي (1)، وكذلك قال أبو بكر محمد الطرطوشي (2) أنها لم تحدث ببيت المقدس إلا بعد ثمانين وأربعمائة سنة من الهجرة.
وهي مع ذلك مخالفة (للشرع من وجوه) (¬1) يختص العلماء ببعضها، وبعضها يعم العالم والجاهل.
فأما ما يختص به العلماء فضربان:
أحدهما: أن العالم إذا صلى كان موهما للعامة إنها من السنن، فيكون كاذبا على رسول الله صلى الله عليه وسلم بلسان الحال، ولسان الحال قد يقوم مقام لسان المقال.
الثاني: أن العالم إذا فعلها كان متسببا إلى أن تكذب العامة على رسول الله صلى الله عليه وسلم فيقولوا: هذه سنة من السنن، والتسبب إلى الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يجوز.
صفحة ٥
وأما ما يعم العالم والجاهل فمن وجوه:
أحدها: أن فعل البدع مما يغري المبتدعين الواضعين بوضعها وافترائها، والإغراء بالباطل والإعانة عليه ممنوع في الشرع، وإطراح البدع والموضوعات زاجر عن وضعها وابتداعها والزجر عن المنكرات من أعلى ما جاءت به الشريعة.
الثاني: إنها مخالفة لسنة السكون (¬1) في الصلاة، من جهة أن فيها تعديد سورة الإخلاص اثنتي عشرة مرة، وتعديد سورة القدر، ولا يتأتى عده في الغالب إلا بتحريك بعض أعضائه، فيخالف السنة في تسكين أعضائه.
الثالث: أنها مخالفة لسنة خشوع القلب وخضوعه وحضوره في الصلاة، وتفريغه لله تعالى وملاحظة جلاله وكبريائه، والوقوف على معاني القراءة والأذكار، فإنه إذا لاحظ عدد السور بقلبه، كان ملتفتا عن الله تعالى معرضا عنه بأمر لم يشرعه في الصلاة، والالتفات بالوجه قبيح شرعا فما الظن بالالتفات عنه بالقلب الذي هو المقصود الأعظم؟
صفحة ٦
الرابع: أنها مخالفة لسنة النوافل، فإن السنة فيها أن فعلها في البيوت أفضل من فعلها في المساجد، إلا ما استثناه الشرع، كصلاة الاستسقاء، والكسوف، وقد قال صلى الله عليه وسلم: ((صلاة الرجل في بيته أفضل من صلاته في المسجد إلا المكتوبة (¬1)).
الخامس: أنها مخالفة لسنة الانفراد بالنوافل، فإن السنة فيها الانفراد، إلا ما استثناه الشرع وليست هذه البدعة المختلقة على رسول الله صلى الله عليه وسلم منه.
السادس: أنها مخالفة للسنة في تعجيل الفطر إذ قال صلى الله عليه وسلم: ((لا تزال أمتي بخير ما عجلوا الفطر وأخروا السحور (¬2)).
السابع: أنها مخالفة للسنة في تفريغ القلب عن الشواغل المقلقة، قبل الدخول في الصلاة، فإن هذه الصلاة يدخل فيها وهو جوعان ظمآن، ولا سيما في أيام الحر الشديد، والصلوات المشروعات لا يدخل فيها مع وجود شاغل يمكن رفعه.
صفحة ٧
الثامن: أن سجدتيها مكروهتان، فإن الشريعة لم ترد بالتقرب إلى الله تعالى بسجدة منفردة لا سبب لها، فإن القرب لها أسباب، وشرائط، وأوقات، وأركان لا تصح بدونها، فكما لا يتقرب إلى الله تعالى بالوقوف بعرفة، ومزدلفة، ورمي الجمار، والسعي بين الصفا والمروة من غير نسك واقع في وقته بأسبابه وشرائطه، فكذلك لا يتقرب إليه بسجدة منفردة، وإن كانت قربة إذا كان لها سبب صحيح، وكذلك لا يتقرب إلى الله عز وجل بالصلاة، والصيام في كل وقت وأوان، وربما تقرب الجاهلون إلى الله تعالى بما هو مبعد عنه، من حيث لا يشعرون (¬1).
التاسع: لو كانت السجدتان مشرعتين، لكان مخالفا للسنة في خشوعهما وخضوعهما، بما يشتغل به من عدد التسبيح فيهما بباطنه، أو بظاهره، أو بباطنه وظاهره.
العاشر: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((لا تختصوا ليلة الجمعة بقيام من بين الليالي، ولا تختصوا يوم الجمعة بصيام من بين الأيام، إلا أن تكون في صوم يصومه أحدكم)) وهذا الحديث قد رواه مسلم بن الحجاج في صحيحه (¬2).
صفحة ٨
الحادي عشر: أن في ذلك مخالفة السنة فيما اختاره رسول الله صلى الله عليه وسلم في أذكار السجود، فإنه لما نزل قوله سبحانه وتعالى: {سبح اسم ربك الأعلى}، قال: ((اجعلوها في سجودكم (¬1)، وقوله: ((سبوح قدوس)) وإن صحت عن النبي صلى الله عليه وسلم فلم يصح أنه أفردها بدون سبحان ربي الأعلى، ولا أنه وظفها على أمته، ومن المعلوم أنه لا يوظف إلا أولى الذكرين، وفي قوله: ((سبحان ربي الأعلى)) من الثناء ما ليس في قوله: ((سبوح قدوس)) (¬2).
ومما يدل على ابتداع هذه الصلاة، أن العلماء الذين هم أعلام
صفحة ٩
الدين، وأئمة المسلمين، من الصحابة، والتابعين، وتابعي التابعين، وغيرهم ممن دون الكتب في الشريعة، مع شدة حرصهم على تعليم الناس الفرائض والسنن، لم ينقل عن أحد منهم أنه ذكر هذه الصلاة ولا دونها في كتابه ولا تعرض لها في مجالسه. والعادة تحيل أن تكون مثل هذه سنة، وتغيب عن هؤلاء الذين هم أعلام الدين، وقدوة المؤمنين، وهم الذين إليهم الرجوع في جميع الأحكام من الفرائض والسنن، والحلال والحرام، وهذه الصلاة لا يصليها أهل المغرب الذين شهد رسول الله صلى الله عليه وسلم لطائفة منهم أنهم لا يزالون على الحق حتى تقوم الساعة (¬1) ولذلك لا تفعل بالإسكندرية لتمسكهم بالسنة. ولما صح عند السلطان الملك الكامل (2) رحمه الله أنها من البدع المفتراة على رسول الله صلى الله عليه وسلم، أبطلها من الديار المصرية فطوبى لمن تولى شيئا من أمور المسلمين فأعان على إماتة البدع وإحياء السنن.
وليس لأحد أن يستدل بما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
أنه قال: ((الصلاة خير موضوع (¬3)) فإن ذلك مختص بصلاة (4) لا تخالف الشرع بوجه من الوجوه، وهذه الصلاة مخالفة للشرع من الوجوه المذكورة، وأي خير في مخالفة الشريعة؟! ولمثل ذلك قال صلى الله عليه وسلم ((شر
صفحة ١٠
[وقد بلغني أن رجلين ممن تصدى للفتيا مع بعدهما عنها سعيا في
تقرير هذه الصلاة]
الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة (¬1)).
وفقنا الله للإجابة والاتباع، وجنبنا الزيغ والابتداع.
وقد بلغني أن رجلين (¬2) ممن تصدى للفتيا مع بعدهما عنها سعيا في تقرير هذه الصلاة وأفتيا بتحسينها وليس ذلك ببعيد مما عهد من خطلهما وزللهما، فإن صح ذلك عنهما ما حملهما على ذلك إلا أنهما قد صلياها مع الناس مع جهلها بما فيها من المنهيات، فخافا وفرقا إن نهيا عنها أن يقال لهما فلم صليتماها؟ فحملهما اتباع الهوى على أن حسنا ما لم تحسنه الشريعة المطهرة، نصرة لهواهما على الحق، ولو أنهما رجعا إلى الحق وآثراه على هواهما وأفتيا بالصواب، لكان الرجوع إلى الحق أولى من التمادي في الباطل، {ولو أنهم فعلوا ما يوعظون به لكان خيرا لهم وأشد تثبيتا}.
صفحة ١١
والعجب كل العجب لمن يزعم أنه من العلماء ويفتي بأن هذه الصلاة موضوعة على رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم يسوغ موافقة وضاعها عليها، وهل ذلك إلا إعانه للكذابين على رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن اتبع الهوى ضل عن سبيل الله كما نص عليه القرآن' ثم أفتيا بصحتها مع اختلاف أصحاب الشافعي (1) رضي الله عنهم في صحة مثلها، فإن من نوى صلاة ووصفها في نيته بصفة فاخلفت تلك الصفة هل تبطل صلاته من أصلها أو تنعقد نفلا؟ فيه خلاف مشهور.
وهذه الصلاة بهذه المثابة، فإن من يصليها يعتقد أنها من السنن الموظفة الراتبة، وهذه الصفة متخلفة عنها فأقل مراتبها أن تجرى على الخلاف.
والحمد لله رب العالمين.
*****
علقه لنفسه فقير رحمة ربه أحمد بن يحيى بن بشارة عفا الله عنهم والحمد لله وحده وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم تسليما كثيرا، وحسبنا الله ونعم الوكيل.
فرغ يوم السبت سابع عشر من شوال من سنة اثنتي عشرة وسبعمائة.
لكاتبه
كتبت وإني للكتاب لحاسد ... على أنه بعدي زمانا يعمر
صفحة ١٢
الرد على الترغيب عن صلاة الرغائب الموضوعة وبيان ما فيها من
مخالفة السنن المشروعة
تصنيف
الشيخ الإمام العالم العامل الزاهد العابد الورع الناسك مفتي المسلمين
تقي الدين ابن الصلاح
صفحة ١٣
رحمه الله تعالى بسم الله الرحمن الرحيم
قال الشيخ الإمام العالم العامل الزاهد العابد الورع الناسك مفتي المسلمين تقي الدين أبو عمرو عثمان بن الصلاح رحمه الله تعالى:
ربنا آتنا من لدنك رحمة وهيئ لنا من أمرنا رشدا.
الحمد لله الذي أبان منار الحق وأناره، وأزال ما حاد عن سبيله وأباره، والصلاة والسلام الأوفران على سيدنا محمد وآله والنبيين والصالحين ما اعترى ضياء ظلاما فأغاره آمين آمين.
صفحة ١٤
سألتم أرشدكم الله وإياي عن ما رامه بعض الناس من إزالة صلاة الرغائب وتعطيلها، ومنع الناس من عبادة اعتادوها في ليلة شريفة، لا شك في تفضيلها، واحتجاجه لذلك بأن الحديث الوارد بها ضعيف بل موضوع، ودعواه أنه يلزم من ذلك رفعها وإلحاقها بالأمر المطرح المدفوع، وغلوه في ذلك وإسرافه، وغلو الناس في مشاقته وخلافه، حتى ضرب له المثل بقوله ذلك بقول الله تبارك وتعالى {أرأيت الذي ينهى عبدا إذا صلى} إلى {كلا لا تطعه واسجد واقترب} (1) فرغبتم في أن أبين الحق في ذلك وأوضحه، وأزيف الزائف منه وأزحزحه، فاستعنت بالله تبارك وتعالى على ذلك واستخرته، وأوجزت القول فيه واختصرته، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، وحسبنا الله ونعم الوكيل، وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب فأقول:
هذه الصلاة شاعت بين الناس بعد المائة الرابعة، ولم تكن تعرف،
صفحة ١٥
وقد قيل: إن منشأها من بيت المقدس -صانها الله تبارك وتعالى- والحديث الوارد بها بعينها وخصوصها ضعيف ساقط الإسناد عند أهل الحديث، ثم منهم من يقول: هو موضوع، وذلك الذي نظنه. ومنهم من يقتصر على وصفه بالضعف، ولا يستفاد له صحة من ذكر رزين بن معاوية (2) إياه في كتابه في تجريد الصحاح، ولا من ذكر صاحب كتاب ((الإحياء)) (1) له فيه واعتماده عليه؛ لكثرة ما فيهما من الحديث الضعيف، وإيراد رزين مثله في مثل كتابه من العجب.
ثم إنه لا يلزم من ضعف الحديث بطلان صلاة الرغائب والمنع منها،
لأنها داخلة تحت مطلق الأمر الوارد في الكتاب والسنة، بمطلق الصلاة، فهي إذا مستحبة بعمومات نصوص الشريعة الكثيرة الناطقة باستحباب مطلق الصلاة، ومنها ما رويناه في صحيح مسلم (2) من حديث أبي مالك الأشعري (¬3) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((الصلاة نور (¬4)).
صفحة ١٦
وما رويناه من حديث ثوبان (5) وعبد الله بن عمرو بن العاص (6) رضي الله عنهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((استقيموا ولن تحصوا، واعلموا أن خير أعمالكم الصلاة)) أخرجه ابن ماجه (¬1) في سننه وله طرق صحاح (2).
صفحة ١٧
وأخص من ذلك بما نحن فيه ما رواه الترمذي (3) في كتابه تعليقا من حديث عائشة (4) رضي الله عنها ولم يضعفه (¬5) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((من صلى بعد المغرب عشرين ركعة، بنى الله له بيتا في الجنة)) فهذا مخصوص بما بين المغرب والعشاء، فهو يتناول صلاة الرغائب من جهة أن اثنتي عشرة ركعة داخلة في عشرين ركعة ، وما فيها من الأوصاف الزائدة يوجب نوعية وخصوصية غير مانعة من الدخول في هذا العموم، على ما هو معروف عند أهل العلم فلو لم يرد إذا حديث أصلا بصلاة الرغائب بعينها، ووصفها، لكان فعلها مشروعا لما ذكرناه.
وكم من صلاة مقبولة مشتملة على وصف خاص لم يرد بوصفها ذلك نص
خاص من كتاب ولا سنة، ثم لا يقال: إنها بدعة، ولو قال قائل أنها بدعة لقال مع ذلك بدعة حسنة (¬1)، لكونها راجعة إلى أصل من الكتاب أو السنة.
ومن أمثال هذا، ما لو صلى إنسان في جنح الليل مثلا خمس عشرة ركعة بتسليمة واحدة، وقرأ في كل ركعة آية من خمس عشرة سورة على التوالي، خص كل ركعة منها بدعاء خاص.
فهذه صلاة مقبولة غير مردودة، وليس لأحد أن يقول: هذه صلاة مبتدعة مردودة (¬2) فإنه لم يرد بها على هذه الصفة كتاب، ولا سنة.
صفحة ١٨
ولو وضع لها حديثا بإسناد رواها به، لأبطلنا الحديث وأنكرناه، ولم ننكر الصلاة فكذلك الأمر في صلاة الرغائب من غير فرق والله أعلم.
هذا انتهاء الإملاء في اليوم الأول ولهذا شواهد ونظائر لا تحصى من سائر أحكام الشريعة، نعم ما يكون من ذلك صفته الزائدة منكرا يردها شيء من أصول الشريعة فذلك الذي يحكم عليه بكونه من البدع المذمومة، والحوادث المردودة.
والذي يتوهم فيه من صلاة الرغائب أنه كذلك أمور نذكرها ونبين بالدليل الواضح كونها سالمة من ذلك إن شاء الله تعالى.
أحدها: ما فيها من تكرار السورة.
صفحة ١٩
وجوابه أن ذلك ليس من المكروه المنكر، فقد ورد نحو ذلك، وورد في بعض الأحاديث تكرار سورة الإخلاص (¬1) فإن لم نستحبه، لم نعده من المكروه المنكر، لعدم دليل قوي على ذلك.
وما ورد عن بعض أئمة الحديث من كراهة نحو ذلك، فمحمول على الكراهة، التي هي بمعنى ترك الأولى فإن الكراهة قد أطلقت على معان وذلك أحدها. والله أعلم (¬1).
الثاني: السجدتان الفردتان عقيب هذه الصلاة، وقد اختلف أئمتنا
صفحة ٢٠
في كراهة مثل ذلك، فإن كان المنازع يختار قول من يكرهها فسبيله أن يتركها فحسب، لا أن يترك الصلاة من أصلها، وهكذا الأمر في تكرار السورة سواء بقي على الصلاة اسمها المعروف لبقاء معظمها، أو لم يبق، لكون المقصود إبقاء الناس على ما اعتادوه، ومن شغل هذا الوقت بالعبادة وصيانتهم من الترك لا إلى خلف، والله أعلم.
الثالث: ما فيها من التقييد بعدد خاص من غير قصد، وهذا قريب
راجع إلى ما سبق الكلام عليه، وهو كمن يتقيد بقراءة سبع القرآن أو ربعه كل يوم وكتقييد العابدين بأورادهم التي يختارونها لا يزيدون عليها ولا ينقصون (¬1) والله أعلم.
الرابع: أن ما فيها من عدد السور والتسبيح وغيرهما مكروه
(لإشغاله القلب) (¬2).
وجوابه أن ذلك غير مسلم وهو يختلف باختلاف القلوب وأحوال الناس.
صفحة ٢١
وقد روي عد الآيات في الصلاة عن عائشة رضي الله عنها وطاووس (1) وابن سيرين (2) وسعيد بن جبير (3) والحسن (4) وابن أبي مليكة (5) في عدد كثير من السلف.
صفحة ٢٢