أحدهما: أن ذلك عدد قليل يتأتى تعاطيه مع ملاحظة الخشوع.
والثاني: أن ذلك العدد مما ثبتت شرعيته في الصلاة. فإن كان الخشوع لا يتأتى معه وجب تقديمه على الخشوع. فقدمنا أحد مأموري الشرع على الآخر، بخلاف العد في صلاة الرغائب فإنه طويل غير مشروع، فإذا تعاطاه المصلي كان تاركا للخشوع المشروع بأمر غير مشروع.
وأما ما ورد في بعض الأحاديث من تكرار سورة الإخلاص، فإن لم يصح هذا الحديث فلا حجة فيه، وإن صح فإن دل على الجواز (¬1) فنحن لا ننكر الجواز، وإن دل على الاستحباب فإن لم يتأتى معه الخشوع كان الشرع مقدما له على الخشوع، وإن تأتى معه الخشوع صار كتسبيحات الركوع، وإن لم يدل على الاستحباب كان مكروها لما فيه من تفويت مقصود الصلاة، وإعراض القلب عن الله تعالى، مع أن مجرد التكرار لا يشعر بالتعديد فكم من مكرر غير معدد، فإن كان قد عبر عن التعديد بالتكرير فسوء عبارة تنبئ عن المقصود.
وأما تأويله كراهة بعض أئمة الحديث لذلك، بأنه محمول على ترك
الأولى فمخالفة للظاهر بغير دليل، فإن الكراهة ظاهرة في المنهي الذي لا إثم في فعله بغلبة الاستعمال، فحملها على ترك الأولى تأويل بغير دليل.
صفحة ٣٥