5 . قال تعالى : { ولقد آتينا موسى الكتاب فلا تكن في مرية من لقائه وجعلناه هدى لبني إسرائيل . وجعلنا منهم أئمة لما صبروا وكانوا بآياتنا يوقنون } [ السجدة :23 25 ] .
فيها أن الله تعالى أثابهم على صبرهم ويقينهم بأن جعل منهم أئمة : أي يقتدى بهم في الخير ، ففيه تنبيه على أن الإمامة لا تنال إلا بالعلم والعمل .
وأنها لا تكون إلا بالدعوة إلى الخير ، ولذلك قال : { يهدون بأمرنا } ، قال القرطبي : ( أي أمرناهم بذلك ، وقيل : بأمرنا أي لأمرنا أي يهدون الناس لديننا ، ثم قيل : المراد الأنبياء عليهم السلام ، وقيل : المراد الفقهاء والعلماء ) .
وكونهم العلماء والفقهاء أقرب للصواب لأن الأنبياء عليهم السلام قدوات ينالون شرف النبوة دون ابتلاء متقدم ، بل يهيؤون من الله تعالى لذلك ، وأما الآية فأشارت إلى أن نيلهم الإمامة كان بعد صبر ، قال القرطبي : ( وهذا الصبر صبر على الدين وعلى البلاء ) ، والأنبياء ينالون النبوة قبل أن يعرفوا الدين ويبتلوا به والله تعالى أعلم .(1)1)
وإذا تمعنا في الآيات السابقة فإن الإمامة فيها جميعها كانت جعلا من الله لا اكتسابا ، وأنا لا أتحدث عن صفات الإمام وإنما عن وسمه بسمة الإمامة .
ففي الإمام أحمد رحمه الله تعالى يتجلى لك المعنى الذي أريد ، فإنه رحمه الله كان شديد البعد عن الشهرة ، كارها لها ، ولم يجمع حوله من التلاميذ من ينشر قوله ، ولم يؤلف كتابا فقهيا جامعا ، ومع ذلك أبى الله تعالى إلا أن يكون إماما بل أبت الإمامة إلا أن تكون حنبلية ، لم ؟
صفحة ٦