بل هو دعاء ضمني بأن يتقبل الله منهم أعمالهم وأن يسددها ويصلحها وأن تكون صوابا على وفق ما يحبه ويرضاه فإنهم إذا كانوا كذلك كانوا جديرين بأن يمن الله تعالى عليهم فيضع لهم القبول في الأرض ويكونوا بذلك أئمة يقتدى بهم .
قال القرطبي : ( كان القشيري يقول : الإمامة بالدعاء لا بالدعوى ، يعني بتوفيق الله وتيسيره ومنته لا بما يدعيه كل أحد لنفسه ، وقال إبراهيم النخعي : لم يطلبوا الرياسة بل بأن يكونوا قدوة في الدين ، وقال ابن عباس : اجعلنا أئمة هدى ) .
4 . قال تعالى : { ووهبنا له إسحاق ويعقوب نافلة وكلا جعلنا صالحين . وجعلناهم أئمة يهدون بأمرنا وأوحينا إليهم فعل الخيرات وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وكانوا لنا عابدين } [ الأنبياء :72 73] .
في الآية بيان لاستجابة الله تعالى دعاء إبراهيم عليه السلام ، إذ جعل من ذريته المباشرة ائمة يهدون .
قال الزمخشري : ( فيه أن من صلح ليكون قدوة في دين الله فالهداية محتومة عليه مأمور هو بها من جهة الله ، ليس له أن يخل بها ويتثاقل عنها ، وأول ذلك أن يهتدي بنفسه لأن الانتفاع بهداه أعم والنفوس إلى الاقتداء بالمهدي أميل ) .
وفيها أيضا :بيان سبب استحقاقهم للإمامة ، وهو أنه تعالى أوحى إليهم فعل الخيرات وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وأنهم امتثلوا هذه الأوامر فكانوا عبادا له فاستحقوا أن يكونوا أئمة يقتدى بهم في الخير ، فأساس الاصطفاء للإمامة هو التوفيق للهدى والصلاح ، وبما أن السبب يحتاج إلى إذن الله تعالى ورضاه فكذلك نتيجته .
وفيها توضيح أن الإمامة لا تكون إلا بركنيها : العلم والعمل ، فلا يكون الجاهل إماما قط كما لا يكون الفاسق إماما قط .
وفي الآية أنه أمرهم بذلك فقال : { يهدون بأمرنا } وقال : { وأوحينا إليهم فعل الخيرات } .
صفحة ٥