وهذا أقوله لأني أجد من بعض المتسننة غلوا في معاملة المخالف ، ويستحل بعضهم إيذاء المبتدع بأي نوع من أنواع الأذى ، ولهؤلاء نقول : رويدكم ، فإن المخالف أولا إنسان له كرامة الآدمية ، فيجب أن يكون تعاملنا معه من منظار الشفقة ، ثم بعد ذلك لا يغيب عن أذهاننا أن أذانا له يجب أن لا يكون على حساب آدميته وحقوقه الإنسانية ، ولا يتعدى كذلك على خصوصياته من مال أو عرض إلا ما يكون حكما شرعيا قضائيا ، فهذا أمر آخر .
قال المروذي (1): ( سألت أبا عبدالله عن قوم من أهل البدع يتعرضون ويكفرون ؟ قال : لا تتعرضوا لهم ، قلت : وأي شيء تكره أن يحبسوا ؟ قال : لهم والدات وأخوات )(2)، أرأيت العالم الذي ينظر بعين الشفقة لا الانتقام ؟ وذلك أمر له في السنة أصل أصيل ، فقد هم النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يحرق على المتخلفين عن صلاة الجماعة بيوتهم ، وبغض النظر عن كونهم من المنافقين أولا فإنه امتنع من ذلك فما السبب ؟ قال - صلى الله عليه وسلم - : ( لولا ما في البيوت من النساء والذرية )(3).
صفحة ٢١