فيقول أضعف أفراد الإنسان، وأحوجهم إلى لطف الكريم المنان، الفقير سليمان ابن الأكرم الأمجد عبدا لله بك ابن المرحوم شاوي بك العبيدي الحميري: لما كانت القصيدة الموسومة بلامية العرب للشنفرى خالد بن ثابت الأزدي (5) من غرر القصائد (1و) على الاطلاق، وأهداها إلى طريقة الكرماء بالاتفاق، وكيف لا؟! وقد قال سيدنا عمر بن الخطاب -رضي الله عنه -: "علموا أولادكم لامية العرب فإنها تعلمهم مكارم الأخلاق (6) لهج بها أهل الأدب، وجنح إلى حفظها من له محبة بآثار العرب. وقد كانت محتاجة إلى شرح يبين مغازيها ويوضح معانيها، ويبين رموز فوائدها، ويكشف عن وجوه خرا ئدها (7)،ويرفع عنها حجب الدقة والإغلاق، ويفتح لطالبيها من معاقل مبانيها الأبواب والأغلاق، وقد كان يخطر بالبال الفاتر، ويجول في الفكر القاصر، أني أشرحها شرحا يذلل صعابها، ويفتح للطالبين أبوابها، ثم أحجم عن ذلك لعلمي أن بضاعتي مزجاة (1) كاسدة، وأن صناعتي لا تقوم بأعباء هذه الفائدة، حتى اجتمعت ذات يوم من أيام البطالة مع شيخي الكبير الشهير، العالم العلامة النحرير، شيح العراق بالاتفاق، وملجأ أهل الخلاف والوفاق، الشيخ عبد الرحمن ابن الشيخ عبدالله الشهير بالسويدي (2)، فتحاسينا معه كؤؤس الأدب (3)،حتى انجر معه البحث إلى لامية العرب، فأمرني بشرحها، وأمره واجب الامتثال، ولاسيما وقد (4) وافق ما كان يتردد بين فكري والخيال، فجاء بعون الله شرحا لم ينسج على منواله، ولم يستطع المتحدي أن يحذو على مثاله (1ظ) مع انه أول ما سبكته في بيادق (5) التأليف، وأفرغته في قوالب الترصيف، وسميته:"سكب الأدب على لامية العرب". والله أسأل أن يروي بريه قوما عطاشا لورد زلاله، ويزيد أرواحهم انتعاشا بمطالعة مثاله، وهانا أشرع بالمقصود، مستعينا بالرب المعبود، فأقول: قال الشنفرى: [من الطويل]
1 - أقيموا بني أمي صدور مطيكم ... فإني إلى قوم سواكم لأميل
اللغة:
أقيموا: مأخوذ من الإقامة ضد الاعوجاج كما هو ظاهر البيت.
صدور: جمع صدر، وهو أعلى مقدم كل شيء، وكل ما واجهك (و) من السهم والقناة من وسطه إلى مستدقه لأنه المقدم إذا رمي به (6).وهو مذكر (7) أما تأنيثه في ما ورد في بيت الأعشى (8): [من الطويل] كما شرقت صدر القناة من الدم (9)
،فانه لإضافته إلى المؤنث، وأظن لا تخفى عليك هذه القاعدة.
صفحة ٨٧