فإنا قد بينا أنه المبدأ لتحصيل حسن الحال وهو غرض من وجه آخر وذلك من قبل أن التصرف لما كان بالأبدان وكانت الأبدان إنما تحصل باجتماع ماء الزوجين في الرحم وكان ذلك إنما تحصل بالنكاح كان النصرف غرضا فصار النكاح مبدءا ولذلك جعل النبيون ابتداء أورهم من الرغبة فيه وخصوصا من بينهم نبينا صلى الله عليه
قانون
وأقول إنه ليس يكفي السائس أن يصرف عنايته إلى التصرف لكن الواجب أن يصرف عنايته إلى حسن التصريف وذلك أنه إنما يحصل بالتصرف إقامة الحال وبحسن التصرف إقامة حسن الحال ويجب هلى هذا أن يجعل عنايته في اكتساب الأبدان الفاضلة لا في اكتساب كل الأبدان والسبيل في ذلك أن يجعلها من ذوي الأبدان السليمة من العاهات وأن يجعل ذلك منهم في عنفوان شبيبتهم ثم إنه يجب عليه من بعد ذلك أن يصرف عنايته إلى تربية الأبدان والسبيل فيه أن يسن لأهل المدينة الطريقة المؤدية إلى استكمال النماء وإلى تقوية القوة والشدة ويذيع ذلك فيهم ثم يحملهم على العمل بها ثم الواجب من بعد ذلك أن يصرف عنايته إلى تخريج النفوس وإنعاشها بالصنائع والآداب والفهوم ثم يقبل على التصريف والتكليف ويخرج منه إلى التسديد والتهذديب
قانون
قال أفلاطن الواجب على السائس أن يجعل غرضه حفظ الإستقامة على أهل الإستقامة ورد المائل عنها إليها بلطف العلاج والسياسة إلى وجهه قال أفلاطن التنقية مقدمة المعالجة قال والتنقية تنقيتان تنقية أبدان تنقية نفوس والشر شران غريب وأهلي الأهلي هو الذي ينبعث من داخل والغريب هو الوارد من خارج قال وإن الأدب يزيد الشرير شرا والغذاء يزيد فاسد المزاج فسادا وإن الشر المتمكن من الشيء يستولى على ما يجاوره فيحيله عن حالته ويجره إلى طبيعته ولهذا المعنى جعلت الأكرة ابتداء أمرهم في المزارعة من تنقية الأرضين وجعل الأطباء علاجهم إزالة السبب الذي هيج الداء
قانون
ويجب أن يحمل أهل المدينة على الألفة وأن يمنعهم من الشتات والفرقة والسبيل إلى الألفة حسن المعاملة وحسن العشرة وترك الحسد والمنافسة وترك الخلاف والمنازعة
قانون كبير
إنه لما كان الوصول إلى الغرض الأقصى بأسباب مختلفة وجب أن يعلم أن تيك الأسباب هي أغراض لما يوصل إليها به ويجب أن يعلم أن الطريق إليها مختلفة لما كانت هي في أنفسها مختلفة ويجب أن يحصلها كلها حتى لا يشذ عنه شيء وأن يجعلها نصب عينه لينصرف بسياسته فيها ويصرف الغير عليها وأقول وقد يجب بسبب هذا أن يتبين أقسام السياسات وأنواعها فإنه يتبين بذلك تنوع أغراضها وسنقول في أقسام السياسة وأنواعها من بعد هذا إن شاء الله تعالى
بقية القول في كيفية السياسة وفيه إبانة المعنى الذي جعل الله الملوك له من كلام الفرس
صفحة غير معروفة