قالوا الحيلة في أمر العدو أن تصادق أصدقاءه وتؤاخي إخوانه ومن قرب منه وينبغي أن لا تدع إحصاء معاييه وعوراته وعثراته وينبغي أن تعد الجواب لعيوبك وعيوب آبائك وقرابتك وأودائك واعلم بأنه قلما بده أحد بشيء يعرفه من نفسه إلا كاد يشهد عليه وجهه وحاله واجعل في نفسك الإحتراز من هذا الباب وإن أراد سفيه أن يستفزك باستقباله إياك لما تكره ولم يصلح السكوت عنه مخافة إيهام ريبة المفارقة أو هجنة المهانة فاخلط الهزل بالجدذلك بأن تجبيه جواب الهازل المداعب بطلاقة من الوجه ورحب من الذراع قال وإياك أن تكافئ عداوة السر بالعلانية فإن من فطنة اليقظة إظهار الغفلة مع شدة الحذر
في المحبة من كلامنا
المحبة انفعال بلذة من المحبوب ونزاع إلى أن يتصل انفعاله وتخوف من القطع وشغف بالمحبوب حتى لا تريد بدلا عنه والشغف والنزاع والتخوف انفعالات وبعضها لذة وبعضها تأذي وبعضها ممتزج فالحب كما قيل حلاوة ومرارة وقال الشاعر الحب منه حلاوة ومرارة سائل بذلك من تطعم أو ذق وأقول الإنفعال قد يكون بالحس وذلك يقع بالشاهد وقد يكون بالتخيل وذلك يكون في الغائب ولأن التخيل نوع من الحس فلا بد من أن يكون في المحسوس حاضرا للحس حتى يفعل فيه وأقول حضور المحسوس لحاسة التخيل إنما هو بالذكر وأقول المذكور شاهد التخيل وفاعل والزائل عن الذكر غايب وكذلك الزائل عن الفكر والفرق أن الزائل عن الذكر نسيان والزائل عن الفكر غفلة
في أن المحبة تكون للأنفس كلها
قال أبو الحسن أقول المحبة توجد للأنفس كلها وكل واحدة من الأنفس إنما تحب ما يوافقها ويلائمها والأشياء الموافقة للنفس الشهوانية لذات المطاعم والمشارب والمناكح فإن هذه النفس من ينتفع به نيلها والأشياء الموافقة للنفس الغضبية الغلبة وما تكون به الغلبة من تكون به الغلبة والنفس الناطقة العملية تحب الفاضل والأفضل والنافع والأنفع والنفس الناطقة النظرية تحب الحق والصدق
في أقسام المحبات
المحبة إما عرضية وإما ذاتية والعرضية تكون بالأضداد والذاتية تكون بالشبيه وليست المحبة الذاتية إلا للنفس الناطقة وذلك أنها تحب من يكون على مثل حالها فإن حال النفس الناطقة العملية محبة الفاضل والأفضل والنافع والأنفع وأنها تحب من يكون على مثل حالها وتبغض من كان على خلاف حالها وحال والنفس الناطقة النظرية محبة الحق والصدق وأنها تحب من كان على مثل حالها وتبغض من كان على خلاف حالها وأما النفس الشهوانية فإنها لا تحب من يحب اللذة ولكن من ينفعها في اللذة والنفس الغضبية لا تحب من يحب الغلبة لكن من ينفعها في الغلبة
في المحبة ما هي
قال بعضهم المحبة أرادة قال والإرادة والإختيار واحد وقال بعضهم المحبة إرادة عن اختيار وقال بعضهم المحبة إنما هي ميلان القلب إلى الشيء واستخفافه له وابتهاجه قال أبو الحسن المحبة ليست بإرادة ولا باختيار فإنا قد نحب ما ليس يمكن فيه أن نريده وأن نختاره كمحبتنا للموتى الذين قد بادوا وذهبوا وأقول ميلان القلب إلى الشيء إنما يكون من أجل المحبة لا أن يكون هو المحبة وأقول المحبة ألف و الألف إنما يكون مع الموافق ويقال المحبة البغضة والبغضة نفار والنفار إنما يكون من المخالف والإنسان فقد يحب ما له نفس وما لا نفس له وما له نفس فقد يجوز أن تكون المحبة من أحدهما للآخر وقد يجوز أن يكون كل واحد منهما محبا لصاحبه وإذا كان كذلك سمي تحابا وأقول التحاب ائتلاف وذلك بأن يكون كل واحد منهما أليف صاحبه وأقول الأشياء الموافقة هي الخير وما يؤدي إلى الخير والأشياء المخالفة هي الشر وجميع ما يؤدي إلى الشر
في حد الصديق
صفحة غير معروفة