تبارك وتعالى خلق آدم عليه السلام في جنة الأرض ، وفيها أشجار تسقى بغير ماء ، ومنه تخرج أربعة أنهار ، وهم : النيل ، والفرات ، وقيصون ، والدجلة. وهذه الأنهار معروفة الآن أن كل نهر في بلاد مختلفة عن غيره ، ومعروف ابتداؤه. وهذا دليل أن هذا النص باطل بالبرهان ، مثل الشمس. ومعنى الأحاديث النبوية في ذلك والله أعلم أنها تخرج من الجنة ، فيفهم ذلك من البركة التي أودعها الله تعالى فيها لأن الاعتقاد في الجنة أنها في السماء لا في الأرض ، والأنهار ابتداؤها وانتهاؤها على الأرض. وقال في بعض كتب عبد الوهاب الشعراوي (94)، نفع الله تعالى به : أن سيدنا جبريل عليه السلام نزل ماء من الجنة ووضعه في أماكن من الأرض ، ومنها ابتداء الأنهار الأربعة ، كل واحد مختلف عن غيره ، وأن الجنة في السماء. وجميع شراح الرسالة قالوا : إن منها أهبط أبونا آدم عليه السلام . وقد أمرني السلطان مولاي زيدان رحمه الله أن أترجم له كتابا عجميا كبيرا سماه مؤلفه بدران لعظم جبل مسمى بهذا الاسم ، لأنه عند الجغرافيين أعظم أعظم (كذا) جبال الدنيا المعروفة ، ولم نر في كتب الجغرافيات مثله ، وكان بلسان الفرنج ، وصاحب الكتاب كان فرنجيا اسمه القبطان. وبلاد الدنيا كلها مصورة في ذلك الكتاب بطول كل بلد وعرضه ، والأنهار ، وكل نهر بأي أرض ، وموضع منبعه ، وابتداؤه ، والمدن التي على حاشيته كل واحدة باسمها ، وجميع الأبحر ، والجزر ، والأقاليم ، وجميع كتب الجغرافيات متفقون أن بحر النيل يخرج من جبل القمر ، وموضعه ثمان عشرة درجة من خط الاستواء إلى جهة الجنوب ببلاد السودان. والأنهار الثلاثة في غير هذا القسم الإفريقي الذي هو ربع الدنيا وفيه هو النيل ، وليس واحد من الثلاثة في هذا الربع ، وكل واحد من الثلاثة في قطر بعيد بعضها عن بعض. أما الفرات ، ابتداؤه بقرب بلاد الجرجان ، ثم يجتمع مع وادي الدجلة الذي يجوز على بغداد. والثالث ببلاد الططر ، والرابع ببلاد أرمانية ، كما قال من يدعي بمعرفة الدنيا. وقال القبطان الفرنج حين بان له غلط التوراية هذا الكلام الذي عندنا في التوراية عن الأنهار أنها تخرج من موضع واحد ، فهو باطل وكذب بالعيان ، لأن هذه الأنهار الأربعة التين قال تخرج من غير واحد ،
صفحة ٧٩