* [لقاؤه للشاطبي]
ولم أر بها من أهل الشيمة الفضلى ، والطريقة المثلى (1)، أمثل من الشيخ ، الفقيه ، الخطيب ، الصالح ، المسند ، الراوية ، أبي عبد الله محمد بن صالح ابن أحمد الكناني الشاطبي (2) حفظه الله وهو شيخ على سنن أهل الدين ، سالك سبيل المهتدين ، مقبل على ما يعنيه ، مشتغل بعمر في طاعة الله يفنيه ؛ دأبه الاقتصار على تجويد الكتاب ، والتردد ما بين بيته والمحراب. وقد لقي من الشيوخ أعلاما ، صيره لقاؤهم والأخذ عنهم إماما ؛ وله مع علو الرواية حظ وافر من الدراية ، إلى خلق لو شاب ماء البحر صار فراتا ، ودين ألزمه خشوعا وإخباتا (3). وقد شاهدت له من غزارة العبرة ، ما هو من أعظم العبرة.
ولما ودعته قال لي : «إنك توحشني بفراقك! وقد أقبل عليك قلبي لأول ما رأيتك». وما كانت مدة إقامتنا ببجاية إلا يومين ، قرأت عليه فيهما مع كثرة [15 / ب] الشواغل وتسلط الهموم التي تخل بعقل العاقل بعض كتاب «الموطأ» رواية يحيى بن يحيى (4)، وناولني سائره ، وبعض كتابي «التيسير» (5)
صفحة ٨٤