بحوث ومقالات في اللغة والأدب وتقويم النصوص (مقالات محمد أجمل الإصلاحي)
الناشر
دار الغرب الإسلامي
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٢٨ هـ - ٢٠٠٧ م.
مكان النشر
بيروت
تصانيف
نعمة إلا أصبح بها كافر ومؤمن، فأما من قال ... ".
ثم اختصر شرح الخطابي هكذا: "سمّي المطر سماء لنزوله من السماء، والنجم نوءًا، لأنه ينوء طالعًا عند مغيب رقيبه من ناحية الغرب". وحذف ما قاله الخطابي: "وكان من عادتهم" إلى آخره. ثم أضاف:
"وقيل على عكس هذا، فإن النوء غيبوبة الكوكب في المغرب وطلوع رقيبه المسمى البارح في المشرق غدوة. وقال الخليل (١): النوء اسم المطر الذي يكون مع سقوط النجم، لأن المطر ينهض مع سقوطه. وأصل النوء: النهوض، كما جاء في حديث آخر: "مالها، خطأ الله نوءها"، أي نهوضها إلى كل شيء تنهض له وتطلبه. وتأويل الحديث ما قاله الزجاج (٢): أن العرب كانت تزعم أن ذلك المطر الذي جاء عند سقوط النجم هو فعل النجم ولا يجعلونه سقيًا من الله ﷿ عند سقوط النجم، فجاء هذا النوع من التغليظ، فأما من نسب ذلك إلى الله ﷿ وجعل سقوط الكوكب وقتًا كمواقيت الليل والنهار كان ذلك حسنًا. واستدلّ على جواز هذا أن عمر ﵁ حين استسقى بعباس في المصلى نادى العباس: كم بقي من نوء الثريا؟ فقال: إن العلماء بها يزعمون أنها تعترض في الأفق سبعًا بعد وقوعها، فوالله ما تمت السبع حتى غيث الناس" (٣).
ويصلح هذا المثال أيضًا لما جاء في هذا الكتاب من تفسير بعض الأحاديث المشكلة لما يتوهم فيها من التعارض والاختلاف. وقد جمع بيان الحق في كتاب النبوة أحاديث من هذا النوع مما يتّصل بالنبي ﷺ بعنوان "ومن الأحاديث التي فيها الجواب عن مطاعن من يلحد في النبوة لجهله ويدعي التناقض لخبث اعتقاده".
_________
(١) لا يوجد قول الخليل هذا في العين ٨: ٣٩١ وفيه "الشيء إذا مال إلى السقوط تقول ناء ينوء نوءًا بوزن ناع، وإذا نهض في تثاقل يقال ناء ... ".
(٢) لعله نقل من كتاب الأنواء للزجاج، وقد نقل منه نصًا في كتاب باهر البرهان ٣: ١٣٩١.
(٣) جمل الغرائب: ٢٧ - ٢٨. وانظر التهذيب في اللغة ١٥: ٥٣٩.
1 / 62