بحوث ومقالات في اللغة والأدب وتقويم النصوص (مقالات محمد أجمل الإصلاحي)
الناشر
دار الغرب الإسلامي
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٢٨ هـ - ٢٠٠٧ م.
مكان النشر
بيروت
تصانيف
وكذلك ينقل نقد ابن قتيبة لتفسير أبي عبيد، وردّ ابن الأنباري - إن كان له ردّ - على ابن قتيبة أيضًا. كما فعل في تفسير حديث "ما سقي بعلًا أو كان عثريًا ففيه العشر" (١).
ولكن لا يقتصر المؤلف دائمًا على تلخيص ما جاء في موارده بل كثيرًا ما يزيد في الشرح. ومن ذلك ما نقله من كتاب أعلام الحديث للخطابي في تفسير حديث زيد بن خالد الجهني أنه قال: صلّى لنا رسول الله ﷺ صلاة الصبح بالحديبية على أثر سماء كانت من الليلة فلما انصرف أقبل على الناس فقال: هل تدرون ماذا قال ربكم، قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: أصبح من عبادي مؤمن وكافر، فأما من قال: مطرنا بفضل الله ورحمته، فذلك مؤمن بي كافر بالكوكب، وأما من قال بنوء كذا وكذا، فذلك كافر بي مؤمن بالكوكب.
قال الخطابي في تفسير الحديث: "قوله: "على أثر سماء" يريد على أثر مطر، وسمي المطر سماء لنزوله من السماء على مذهبهم في استعارة اسم الشيء لغيره إذا كان مجاورًا له أو بسبب منه، و"النوء": الكوكب، ولذلك سمّوا منازل القمر "الأنواء"، وإنما سمّي النجم نوءًا، لأنه ينوء طالعًا عند مغيب رقيبه من ناحية المغرب، وكان من عادتهم في الجاهلية أن يقولوا: مطرنا بنوء كذا، فيضيفون النعمة في ذلك إلى غير الله ﷿ وينسون الشكر له على ذلك، وهو المنعم عليهم بالغيث والسقيا، فزجرهم عن هذا القول، فسماه كفرًا، إذ كان ذلك يفضي بصاحبه إلى الكفر إذا اعتقد أن الفعل للكوكب، وهو فعل الله ﷿ لا شريك له" (٢).
أثبت النيسابوري الحديث من قوله "صلّى الصبح" إلى آخره، إلا أن لفظه: "فقال: ألم تسمعوا ما قال ربكم قالوا: لا، قال: ما أنعمت على عبادي
_________
(١) جمل الغرائب: ٢٢٨.
(٢) أعلام الحديث ١: ٥٥٣.
1 / 61