بحوث ومقالات في اللغة والأدب وتقويم النصوص (مقالات محمد أجمل الإصلاحي)
الناشر
دار الغرب الإسلامي
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٢٨ هـ - ٢٠٠٧ م.
مكان النشر
بيروت
تصانيف
وكان النيسابوري من حفاظ دواوين الشعر، وله عناية خاصة بديوان هذيل كما يظهر من كثرة استشهاده بشعرهم. وكثيرًا ما يستشهد على المعاني، وتنهال الشواهد على لسانه، ولكن شرط الاختصار يكفّه. فأنشد في موضع الأبيات الآتية على أن الثياب بمعنى الأخلاق:
قال أبو الأسود:
ألم تر أني والتكرم عادتي ... وما المرء إلا لازم ما تعودا
أطهر أثوابي عن الغدر والخنا ... وأنحو الذي قد كان أولى وأعودا
وقال شريك بن بشر الباهلي:
لقد رزئت بنو سهم بن سهم بن عمرو ... بلا نكس ولا دنس الثياب
بأبيض يملأ الشيزي إما ما ... رأيت الضر في وجه الكعاب
وقال آخر:
فلا بعدي يغيّر حال ودي ... عن العهد القديم ولا اقترابي
ولا عند الرخاء بطرت يومًا ... ولا في فاقة دنست ثيابي
ثم قال: "وأمثال هذا كثيرة، ولولا سبق الضمان بالاختصار لسالت على كل حديث شعاب من الشعر والمعاني" (١).
سبق في ترجمة بيان الحق أنه كان حنفي المذهب، ولكنه تجنّب ذكر مذاهب الفقهاء في هذا الكتاب. فلما فسّر حديث المصراة قال في آخر كلامه: "وهذا تفسير غريب هذا الحديث، وأما تأويله على مذهبنا فقد استقيصناه في كتبنا الفقهية" (٢). وقد رأيته في بعض المواضع - من القسم الذي بين يدي من
_________
(١) جمل الغرائب: ١٥٨. وقد أنشد بيان الحق بيتي أبي الأسود ضمن شواهد أخرى في كتاب باهر البرهان ٣: ١٥٧٥.
(٢) جمل الغرائب: ٢٧١.
1 / 63