تأملات في مماثلة المؤمن للنخلة

عبد الرزاق بن عبد المحسن البدر ت. غير معلوم
4

تأملات في مماثلة المؤمن للنخلة

الناشر

الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة

رقم الإصدار

السنة التاسعة والعشرون. العدد السابع بعد المائة. (١٤١٨/١٤١٩هـ)

تصانيف

بحقيقتها التي هي حقيقتها، واتَّصف قلبُه بها، وانصبغ بها بصبغة الله التي لا أحسنَ صبغة منها، فعرَفَ حقيقةَ الإلهية التي يُثْبِتها قلبُه لله ويشهدُ بها لسانُه وتصدِّقُها جوارحه، ونفى تلك الحقيقة ولوازمَها عن كلِّ ما سوى الله، وواطأَ قلبُه لسانَه في هذا النفي والإثبات، وانقادت جوارحُه لمن شهد له بالوحدانية طائعةً سالكةً سُبلَ ربِّه ذُلُلًا غير ناكبة عنها ولا باغية سواها بدلًا، كما لا يبتغي القلبُ سوى معبودِه الحق بدلًا؛ فلا ريب أن هذه الكلمة من هذا القلب على هذا اللسان لا تزال تؤتي ثمرَتَها من العمل الصالح الصاعدِ إلى الله كلَّ وقت، فهذه الكلمة الطيّبةُ هي التي رفعت هذا العمل الصالح إلى الربِّ تعالى، وهذه الكلمةُ الطيّبةُ تُثمرُ كلمًا كثيرًا طيّبًا يقارنُه عملٌ صالحٌ فيرفع العملُ الصالح الكلمَ الطيّب، كما قال تعالى: ﴿إلَيْهِ يَصْعَدُ الكَلِمُ الطَيِّبُ وَالعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ﴾، فأخبر سبحانه أنَّ العملَ الصالحَ يرفعُ الكلِمَ الطيِّب، وأخبر أنَّ الكلمةَ الطيّبة تُثمر لقائلها عملًا صالحًا كلَّ وقت. والمقصود أنَّ كلمةَ التوحيد إذا شهد بها المؤمنُ عارفًا بمعناها وحقيقتها نفيًا وإثباتًا، متَّصفًا بموجبها قائمًا قلبُه ولسانُه وجوارحُه بشهادته؛ فهذه الكلمةُ الطيّبةُ هي التي رفعتْ هذا العملَ من هذا الشاهد، أصلها ثابت راسخ في قلبه، وفروعها متَّصلة بالسماء، وهي مخرجة لثمرتها كلَّ وقت"١. وقد صحّ في الحديث عن النبي ﷺ أنَّ الشجرةَ الطيّبة هي النخلة، وذلك فيما رواه ابن عمر ﵄، وهو مخرّج في الصحيحين من طرق كثيرة عنه ﵁. فقد روى البخاري ومسلم عن إسماعيل بن جعفر، عن عبد الله بن دينار، عن ابن عمر ﵄ قال: قال رسول الله ﷺ: "إنَّ من الشجر شجرةً

١ إعلام الموقعين (١/١٧٢،١٧٣) .

1 / 200