تعالى - عن ذلك لزم عليه التسلسل، إن قلتم بأن خالقه غيره، لأنه لابد لذلك الغير الذي زعمتم أنه هو الخالق إما أن يكون غير مخلوق فيكون هو الإله دون غيره، وإما أن يكون مخلوقا فيحتاج إلى خالق غيره، وهذا الخالق الذي زعمتموه لابد له من أحد الأمرين المتقدمين في نظيره، وهكذا فأي واحد كان خالقا غير مخلوق فهو الإله. وإن قلتم أن جميعها فأي واحد كان خالقا غير مخلوق فهو الإله. وإن قلتم جميعها خالق ومخلوق، لزم عليه عدم النهاية، إذا لاغاية لذلك، وهذا هو التسلسل. وإن قلتم بأن كل واحد منهما خلق الآخر لزم عليه محال آخر، يسمى بالدور ، والدور التسلسل باطلان عقلا .
فقوله لو صح : أي لو ثبت .
والتسلسل : هو توقف أمر على أمر، وتقف ذلك الأمر على أمر أخر وتقف ذلك الأمر أيضا على أمر أخر وهكذا ، إلى مالا نهاية، وهو من المحالات العقلية ، ووجه كونه محالا عقلا هو أن العقل يمنع وجود أشياء لا غاية لها .
والدور :هو توقف أمر على أمر يتوقف عليه ذلك الأمر بعينه مثاله : ما أن لو قالو أن كل واحد خلق الآخر فإنه يلزم على قولهم هذا ان يكون كل واحد منهما موجودا قبل صاحبه ووجود كل واحد منهما قبل الآخر محال، إذ لابد من تقدم أحدهما على الآخر في الوجود، فمن هنا كان الدور محالا .
ومثال أيضا : أن لو قلنا: لا تعرف عمرا حتى تعرف زيدا، ولا عرف زيدا حتى تعرف عمرا ، فإنه يستحيل معرفة كل واحد منهما، لأن (¬1) معرفة كل واحد منهما متفوقة على معرفة الآخر، فاستحالت المعرفة لكل واحد منهما، وكذا يستحيل وجود كل واحد من الخالقين أن لو قالوا بأن كلا منما خلق الآخر لأن وجود كل واحد منهما متوقف على وجود الآخر, فلا وجود لشئ منهما أصلا .
49 بل لا وجود لغيره فوجوده قبل الزمان وقبل كل مكان
صفحة ١٠٩