46- إن قلت أن الله خالق نفسه إذ كان شيئا جاء في القرآن
47- قلنا يحيل العقل كون الله مخلوقا وهذا غاية الكفران
أي إن قلت معترضا علينا في قولنا بعموم خالق كل شيء بأن الله عز وجل قد سمى نفسه في القرآن شيئا فقال : { أي شيء أكبر شهادة قل الله } (¬1) وقال : { كل شيء هالك إلا وجهه } (¬2) ولأن كل ما ليس بشيء فهو معدوم، والله عز وجل موجود, فهو شيء، فيلزمكم على القول بعموم خالق كل شيء أن يكون الله عز وجل خالق نفسه لأنه شيء أيضا .
قلنا مجيبين لك: إن العقل يمنع أن يكون الله عز وجل مخلوقا . والقول بأنه مخلوق هو الغاية الكبرى في الكفر، وإنما قلنا بأن العقل يحيل أن يكون الله تعالى مخلوقا، لأنه حينئذ إما أن يكون خالقا لنفسه، وإما أن يكون غيره خالقا له، وكلاهما محال عقلا لما يلزم على الأول من أنه إما أن يكون حال خلقه لنفسه موجودا أو معدوما ومحال أن يكون معدوما لأن المعدوم لا يوجد شيئا، وإنما هو نفي محض، وإن كان موجودا فمحال أن يخلق نفسه أيضا، لأن خلقه لنفسه بعد وجودها تحصيل للحاصل، وهو في العقل (¬3) من الباطل، فبطل أن يكون خالقا لنفسه. وأما البطلان أن يكون خالقا له - تعالى - غيره، لأنه لو كان غيره خالقا له، لكن ذلك الغير (¬4) هو الإله القادر، وهذا المخلوق هو المألوه العاجز. ثم إن قلتم بذلك الخالق خالقا غيره أيضا لزم عليه، أما الدور والتسلسل وكلاهما باطل كما سيأتى بيان كل منهما:
48 لو صح هذا فالتسلسل لازم والدور وهو نهاية البطلان
صفحة ١٠٨