روض البيان على فيض المنان في الرد على من ادعى قدم القرآن

نور الدين السالمي ت. 1332 هجري
29

روض البيان على فيض المنان في الرد على من ادعى قدم القرآن

تصانيف

متعسفا : حال في التاء كقوله ورميتهم ، والتعسف هو فعل الشيء من غير رويه ، ومنه تعسف الطريق اذا سلكها من غير قصد .

والبيداء : المكان المنقطع الذي لا ماء فيه ، وسمي بذلك لأنه يبيد السالك فيه أي يهلكه ، ويسمى أيضا مفازة من باب تسمية الشيء بضدة تفاؤلا بالفوز من أخطارها كتسمية اللديغ سليما بسلامته .

شبه الجهل بالبيداء بجامع ان كل منهما يهلك صاحبه بالأخطار المجتمعة فيه وأضاف المشبه به وهو البيداء إلى المشبه وهو الجهل ، ليحصل له تنفير السامع من ارتكاب الجهل لأن تلك الإضافة كأنها تشعر أن الجهل هو تلك البيداء لا غيرها فهو أبلغ من قولنا : زيد أسد لأن إضافة المشبه به إلى المشبه توهم أن للمضاف أنواعا،أحدها هذا النوع المضاف إلى هذا الشيء المخصوص . فكأن البيداء في كلام الناظم متنوعة إلى : بيداء جهل وبيداء غيره ، فخصصها بإضافتها إلى الجهل فحصل المقصود .

وراكبا : حال ثان من التاء في قوله ((ورميتهم)) أو حال من الضمير في ((متعسفا)) فعلى التقدير الأول تسمى هذه الحال ((مترادفة)) وعلى التقدير الثاني ((متداخلة)) . والركوب هو التمكن على متن الدابة فلا يسمى غير المتمكن على متنها راكبا كالذي تعلق بيده أو ألقى على متنها ضرورة .

وقوله عشواءه : أي عشواء الجهل ، والمراد بالعشواء الدابة الضعيفة البصر .

وتهوي : بمعنى تناقض ، ومنه يهوي محارمها هوي الأجدال ،أو بمعنى تسقط في المهاوي ، ومنه هوي الدلو أسلمها الرشاء ، والمهاوي جمع مهواة بفتح الميم ما بين الجبلين ، وقيل الحفرة .

والعنان : اللجام سمي بذلك لأنه يعن فم الفرس أي يعترضه،شبه المصنف حالة هذا القاذف لأهل الحق بحالة رجل - لا تمييز له - راكب على فرس لا بصر لها ولا لجام يمنعها ، تنقض به في البيداء ذات مهاوي مهلكة لسالكها . والجامع بين المشبه به والمشبه هيئة منتزعة من عدة أمور ، فوجه التشبيه مركب على حد قوله :

صفحة ٦٥