متعسفا : حال في التاء كقوله ورميتهم ، والتعسف هو فعل الشيء من غير رويه ، ومنه تعسف الطريق اذا سلكها من غير قصد .
والبيداء : المكان المنقطع الذي لا ماء فيه ، وسمي بذلك لأنه يبيد السالك فيه أي يهلكه ، ويسمى أيضا مفازة من باب تسمية الشيء بضدة تفاؤلا بالفوز من أخطارها كتسمية اللديغ سليما بسلامته .
شبه الجهل بالبيداء بجامع ان كل منهما يهلك صاحبه بالأخطار المجتمعة فيه وأضاف المشبه به وهو البيداء إلى المشبه وهو الجهل ، ليحصل له تنفير السامع من ارتكاب الجهل لأن تلك الإضافة كأنها تشعر أن الجهل هو تلك البيداء لا غيرها فهو أبلغ من قولنا : زيد أسد لأن إضافة المشبه به إلى المشبه توهم أن للمضاف أنواعا،أحدها هذا النوع المضاف إلى هذا الشيء المخصوص . فكأن البيداء في كلام الناظم متنوعة إلى : بيداء جهل وبيداء غيره ، فخصصها بإضافتها إلى الجهل فحصل المقصود .
وراكبا : حال ثان من التاء في قوله ((ورميتهم)) أو حال من الضمير في ((متعسفا)) فعلى التقدير الأول تسمى هذه الحال ((مترادفة)) وعلى التقدير الثاني ((متداخلة)) . والركوب هو التمكن على متن الدابة فلا يسمى غير المتمكن على متنها راكبا كالذي تعلق بيده أو ألقى على متنها ضرورة .
وقوله عشواءه : أي عشواء الجهل ، والمراد بالعشواء الدابة الضعيفة البصر .
وتهوي : بمعنى تناقض ، ومنه يهوي محارمها هوي الأجدال ،أو بمعنى تسقط في المهاوي ، ومنه هوي الدلو أسلمها الرشاء ، والمهاوي جمع مهواة بفتح الميم ما بين الجبلين ، وقيل الحفرة .
والعنان : اللجام سمي بذلك لأنه يعن فم الفرس أي يعترضه،شبه المصنف حالة هذا القاذف لأهل الحق بحالة رجل - لا تمييز له - راكب على فرس لا بصر لها ولا لجام يمنعها ، تنقض به في البيداء ذات مهاوي مهلكة لسالكها . والجامع بين المشبه به والمشبه هيئة منتزعة من عدة أمور ، فوجه التشبيه مركب على حد قوله :
صفحة ٦٥